تأمين أشياء كثيرة للطفل
من الطرق التي تزيد من تحفيز الطفل أو المراهق فتجعله لا مبالياً، هي إعطاء أو تأمين أشياء كثيرة للطفل.
عندما يكون الطفل صغيراً ونريد أن نريه مدى حبنا له، غالباً ما نسمح لأنفسنا بأن تقنعنا الدعايات التي تدّعي أن الأبوة والأمومة الجيدة تعني شراء ألعاب كثيرة للطفل. ولكن شيئاً فشيئاً تمتلئ غرفته بالألعاب حتى تصبح كمحل لبيع الألعاب. والنتيجة الطبيعية لهذا هي أن يصبح اللعب بالنسبة للطفل هو أن يرمي كل ألعابه على الأرض وأن يدوسها قائلاً إنه ضجران. وبسبب وجود هذا الكم من الألعاب، لن يستطيع أن يركز اهتمامه فتكون النتيجة أن تقوم آلية الدفاع عنده بتجاهل كل شيء. فتتخدر حواسه لأنه أصبح لامبالياً لا يحب شيئاً و لا يجذبه شيء.
تأمين أشياء كثيرة للطفل يعادل الملل
لهذا السبب يكون الأولاد الذي يملكون أكثر الأشياء، أكثرهم شعوراً بالملل والضجر. قد يكون منافياً للمنطق القول إن الأولاد الذين يملكون محلاً كاملاً للألعاب في منازلهم هم الذين يشتكون من عدم وجود شيء يقومون به.. عندما كنت صغيرة لم يكن في قاموسي وجود لكلمة «ملل». كان الأولاد يتلقون الهدايا في عيد الميلاد وأعياد ميلادهم ومع ذلك لم يكونوا يملّون لأن اللعب بحد ذاته هو عملية خلاّقة يشارك فيها الطفل بحيوية، غير منتظر أن يأتيه شيء يسليه.
كان الأولاد يخترعون جميع أنواع الألعاب بأبسط الأشياء كالحجارة أو العصي التي كانوا يلتقطونها من الباحات والساحات. وكانوا يرتدون الثياب القديمة أو ثياب أهلهم ويبنون المنازل الوهمية والمراكب من البطانيات والوسائد الموجودة في غرفة الجلوس. كانت مخيلة الولد هي التي تحدّد مقدار المرح الذي سيحصل عليه.
في تلك الأيام عندما كان الولد يضجر، كان يعرف أن لا فائدة من الشكوى لأمه لأن المشكلة ليست مشكلتها بل مشكلته. ولم يكن هناك أهل يشعرون بالذنب إذا كان ابنهم ضجراً.
شاهد من الحياة
إنه يوم الميلاد. الراشدون جالسون أمام الشجرة يشربون العصير ويراقبون أولادهم كيف يلعبون بالألعاب. سألت إحدى الأمهات زوجها: «أرأيت «بيت»؟ لو كنت أعرف لأعطيته صندوقاً كرتونياً بدل تلك اللعبة الغالية الثمن التي اشتريناها. إنه يلعب بذاك الصندوق منذ ساعة وانظر مدى سروره به».
كلما كانت اللعبة متقنة، قلّ تنبيه المخيلة والإبداع. نحن نتأثر بالتفاصيل المعقدة ولكن الحقيقة أنها لا تعطي إلا فرصاً قليلة للطفل ليصنع ألعابه الخاصة ولينوّع ويخترع أشياء ممكنة والنتيجة أن ينتهي به الأمر بالشعور بالملل بسرعة من ألعاب كهذه. أذكر مرة أن ولداً من أولادي ادخر ماله عدة أشهر ليستطيع شراء سيارة سباق يمكن التحكم بها بجهاز التحكم عن بعد. عندما أصبحت أخيراً بين يديه كان متحمساً جداً. أذكر أنه لعب بها لأيام معدودة وبعد ذلك وضعها في خزانته حيث بقيت فيها لسنوات حتى قرر يوماً أن يتخلص منها.
الوحدة في الشقق
حتى ننصف هذا الموضوع علينا أن نضيف أن عدداً كبيراً من الأولاد اليوم يعيشون في وحدة، ساكنين في الشقق والمنازل حيث لا يقدرون على اللعب مع أولاد الجيران. أضف إلى ذلك أن العائلة أصبحت أصغر من حيث عدد الأفراد وهذا ما يحدّ من فرص مشاركتهم بنشاط جماعي. أذكر أن ابني غالباً ما كان يشكو من عدم وجود إلا أخ واحد له وكان يقول: «لا يمكنني أن أغضب منه لأنني إذا فعلت فمن سيلعب معي؟»
إذن الحل ألا نشتري المزيد من الألعاب وألا يعمل الأهل على تسلية أولادهم. فالطفل بحاجة أن يتعلم إنشاء علاقة مع الآخرين في بيئة يتواجد فيها عدد كبير من الأولاد من مختلف الأعمار ولكن عليه أن يتعلم أيضاً أن يكون وحيداً وأن يسلي نفسه. ونحن بحاجة إلى التغلب على خوفنا من كلمة «ملل». إذا شعر الولد بالملل، فواجبه أن يكتشف اهتمامات جديدة. وإذا لم نلهه بالتلفزيون فسيكون على الطفل تشغيل مخيلته للتخلص من الملل. فإذا سمحنا له فقد ينبثق من التفاعل السلبي شيء إيجابي.
الإفراط في تقديم الأشياء للطفل يعني شراء عدد كبير من الألعاب له، وللمراهق يعني شراء ملابس كثيرة وساعات يد وسيارات ومال..