“المنزل المرتب بشكل مثالي هو منزل حزين”
ربما لا تعرفون البروفيسور ماريو سيرجيو كورتيلا، لكنه معروف جداً في مجال العلوم التربوية. إن حكمته ومعرفته تجعلان منه ضيفاً مطلوباً جداً في البرامج التلفزيونية في أميركا الجنوبية، التي تعالج مواضيع متعلقة بالتربية وعلم النفس يتم تطبيقها في مجال التطوير الذاتي.
تجعلنا هذه العبارة نفكر بالكثير من الأمور. بالتأكيد إن نظافة منزلنا مهمة وتعكس حالتنا الداخلية، لكننا بحاجة إلى التفكير في مدى ما يعكسه هذا الترتيب لما يتواجد في أرواحنا.
عندما نكون نعيش حياتنا كما يجب، فإننا نركز بشدة على هذه المهمة لدرجة أننا نؤجل الأعمال المنزلية للمرة المقبلة.
قد يشير الهوس الشديد بالتنظيم والترتيب إلى فراغ داخلي في القلب، او نقص في الأهداف والسعادة والأحلام.
لذا فالمنزل المرتب جداً ليس دائماً منزلاً سعيداً، فهو منزل خالٍ من المشاعر والحياة.
يتحدث كورتيلا بحكمة عن كيف يمكن أن تكون الفوضى في منازلنا وصخب الأشخاص الذين يعيشون معنا مصدر فرح وسعادة في حياتنا، ويجعلنا نفكر في حقيقة أن المنزل المرتب جداً هو منزل غير سعيد.
“المنزل المرتب بشكل مثالي هو منزل حزين” لكن ما الذي يود أن يقوله فعلاً الفيلسوف التربوي؟
على أي حال، إن تصريحه هذا ليس للتشجيع على الفوضى: فمن الواضح أن الافتقار إلى النظافة في مكان يصلح للعيش لا يؤذي سوى القانطين فيه.
بل أن أفكار كورتيلا تلقي الضوء على ميل اجتماعي يتمحور حول محاولة ترتيب كل شيء باستمرار وبهوس شديد، وبالبحث الدائم عن تحقيق الكمال.
ربما بسبب ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، التي نحاول عبرها أن نظهر كل شيء مثالياً ولا نحاول إظهار الواقع، بحيث يبدو أن كل مكان في المنزل يجب أن يكون جاهزاً لالتقاط الصور.
الوسائد مرتبة، الأغراض مختارة بشكل مثالي، المطبخ لا خطأ فيه.. كل شيء يجب أن يشع الجمال والصفاء والهدوء. لكن البوفيسور يركز على فكرة أن الحياة ليست هكذا!
الحياة ليست مثالية
هي عبارة عن سلسلة يشوبها صعود وهبوط، مشاكل يجب حلها، أوقات صعبة يصبح خلالها المنزل (والأسرة التي تسكنه) إحدى النقاط الثابتة التي تتمحور حولها هذه الأوقات.
آثار أصابع تركها أحدهم على الوسادة، بطانية ملقاة على الأريكة بشكل فوضوي، آثار متروكة في المطبخ من قِبَل شخص أعد وجبة لذيذة.. كلها أدلة على الحياة النابضة في المنزل.
يقول كورتيلا إن الحياة تتكون من اهتزازات وتغيرات وفوضى. وأن نرغب بتنظيف كل شيء بشكل دائم وبترتيب كل شيء مراراً وتكراراً بطريقة هوسية، هي مظاهر مجتمع يحاول أن يغطي جميع عيوبه، مجتمع لم يعد يرى جمالاً في الاختلاف وعدم الكمال.
رسالة ضرورية!
فكروا في المظهر الداخلي لمنزلكم معظم الوقت، وإذا لزم الأمر امنحوه بعض الحياة!
يمكننا دائماً القيام بالكثير من الأمور، لكن لا يمكننا أبداً تعويض الوقت الذي يضيع.