شخص مستبد طاغية
النساء اللواتي يواجهن العنف المنزلي لديهن سبب واحد للرحيل وآلاف الاسباب الأخرى للبقاء. نحن لا نبقى مع شخص مستبد طاغية بسبب قلة احترام الذات. نحن نحاول فقط أن نكون أشخاصاً أفضل مع أناس لا يستحقون هذا.
طوال سنوات عديدة، حاولت أن أثبت لزوجي أنني شخص جيد، لكن هذا ما كان إلا ليزيد الموقف سوءاً. نفذت كل طلباته مثل التخلي عن مستحضرات التجميل والثياب ذات الالوان الفاقعة. ولكنني الآن فهمت : الشخص الطبيعي ليس عليه أن يحاول إثبات أي شيء لأي شخص مهما كان.
كنت مقتنعة أنني بدينة وبشعة، أن أمه كانت تطبخ أفضل مني وأن هناك عدد لا يحصى من النساء بانتظاره. كنت أعتقد أن زوجي هو آخر فرصة لي لتأسيس أسرة. في الواقع، من الافضل أن تموتي وحيدة وأنت تشاركين سكنك مع 40 قطة على أن تتساهلي مع المعاملة السيئة.
لا أخجل من الاعتراف بأن زوجي كان يهينني ويذلني. في مجتمعاتنا، نعتقد أن ضحية العنف مذنب ويتحمل مسؤولية مصيره : يقولون إنها تتكلم كثيراً وتتصرف بطريقة مستفزة. بالنسبة لي، كان الطلاق بمثابة اعتراف بالهزيمة.
بين الناس، كان ألطف رجل عرفته. لم أعتقد أبداً ان رجلاً مثله قد يضرب امرأة. لذلك بدأت أشكك بنفسي : وماذا لو كنت أستحق فعلاً ما يلحقه بي ؟ لقد كنت منخرطة في علاقة لا وجود فيها للحسّ السليم.
لقد أنجبت طفلي لأنتي اعتقدت أنه سيقوي العائلة ويغيّر طبع زوجي السيء. مع هذا، بقي الوضع يتجه من سيء إلى أسوأ. بدون عمل، بدون أصدقاء، مع طفل بين ذراعيّ، لا يمكنني أن أهرب إلى أي مكان. وبالنسبة له، أصبح الولد أداة أخرى لمراقبتي. أنذرني زوجي أنه سيأخذ الطفل إذا قررت أن أتركه.
اليوم الذي أدركت فيه أنني يجب أن أهرب من زوجي الذي هو شخص مستبد بامتياز
ما زلت أتذكر اليوم الذي قررت فيه أن أرحل. كان الوقت ليلاً، كان زوجي يرفه عن نفسه مع أصدقائه، وابني معنا. كان يلعب، وفجأة اقترب زوجي مني حاملاً سكيناً بلاستيكياً ليقطع معجونة اللعب، وقال :”سوف أقطعك”. سمع ولدي، البالغ من العمر سنتين، هذه العبارة خلال أحد الشجارات.
انتبهت إلى أنه، لا يدمر فقط حياتي، ولكن أيضاً روح ولدي : طوال سنوات، أصبح منزلنا جحيماً.
لذلك اضطررت إلى تنظيم عملية هروب، كما في أفلام الجاسوسية. اقترضت نقوداً من أختي كي لا يعرف زوجي أنني سحبت مبلغاً من حسابي المصرفي، ورحلت مع ابني بينما كان في الخارج.
لم يكن لديّ مكان أذهب إليه، لم أكن أستطيع العودة إلى أمي. كانت هي وأختي الشخصان الوحيدان اللذان يدعمانني في حالتي. استمرت حماتي في الاتصال بي طالبة أن أعيد لها حفيدها “لأننا سنطلق ولن يعود لدينا أولاد”. تخلى زوجي عن عمله المؤقت وقام بملاحقتي ومراقبتي من السيارة، متمركزاً تحت نافذتي، محاولاً الاتصال بي وإرسال الرسائل، مرسلاً تهديدات، وطالباً المغفرة.
فعلت شيئين مهمين : طلبت مساعدة الشرطة وبدأت بتسجيل كل المكالمات الهاتفية. إذا حدث لي شيء ما، سيعرف البوليس المذنب فوراً. كان زوجي طاغية ومعتدياً، ولكنه لم يكن أحمق. ولن يضحي بنفسه للذهاب إلى السجن.
طلاقنا كان صعباً :
لم يكن يحضر الجلسات، ظهر بعدها ليقدم بضع التماسات سخيفة. مع هذا، فقد اهتمامه بي بالكامل في خلال ستة أشهر، وحتى بطفلنا.
حالياً هو متزوج بامرأة أخرى ويربي ولداً آخر.
استلزمني الأمر بضعة سنين حتى اعتاد العيش كشخص طبيعي. كان عليّ أن أستشير طبيباً نفسياً لاستعادة الثقة بنفسي وبحبي لذاتي.
إلى كل النساء اللواتي يمررن بفترة صعبة
بفضل علاقتي مع المستبد الطاغية، تعلمت أن أميز المعتدين منذ النظرة الأولى وأن أكتشف عوارض العصاب. لقد اكتسبت تجربة مهمة جداً بكل تأكيد. والآن، أتمنى أن أقول شيئاً مهماً لكل النساء اللواتي يتواجدن في موقف مشابه.
هذا ليس خطأكن. أنتن أشخاص محبوبون وكرماء. الطغاة يقعن في شباك النساء الودودات والمتعاطفات فقط لأنهم هم أنفسهم لا يمتلكون هذه الصفات. إنهم أشبه بمصاصي الدماء، إنهم يمتصون روحكن وأفضل ما فيكن. لا أحد في العالم يستحق أن يتحمل هذا الإذلال أو هذا النوع من العقاب لانه يستعمل الكلمات السيئة أو لأنه لا يرتدي كما يجب. وأنت أيضاً لا تستحقين هذا. حافظي على الامل، لا تترددي في طلب المساعدة من عائلتك وأقربائك، وإذا قررت أن تهربي، لا تغيري رأيك. لأنك كلما تأخرت في فعل هذا، كلما ازداد الموقف سوءاً.
هل يبدو لكم الموقف الذي عاشته بطلة هذه القصة مألوفاً ؟ شاركوا تجربتكم في قسم التعليقات !