تعليم المفردات العاطفية:
غالباً ما يتعلّم الصبيان أن الرجل المثالي هو القوي والصامت. وهو يبدو مثل أرنولد شوارزينغر أو بروس ويليس (كلينت ايستوود أو جون واين للجيل القديم) ويهمهم جملاً مثل «سأعود»، «أسعديني» أو «أنت جلبته لنفسك». أما الرجال الضعفاء فهم «مخنثون». يملك العديد من الصبيان سرعتين فقط عندما يتعلق الأمر بالمشاعر: فهم إما بخير وإما غاضبون. يشعر العديد من الأهل بالصدمة من سرعة غضب أبنائهم لكن هذا ينبغي ألا يفاجئهم فالغضب مقبول ثقافياً للصبيان (والرجال) ويولد سلسلة مشاكله الخاصة.
انقص المفردات العاطفية ولخدر العاطفي:
في كتابه I Don’t Want to Talk about It: Overcoming the Secret Legacy of Male Depression ، يتحدث المعالج النفسي تيرانس ريل عن الخدر العاطفي الذي يختبره الصبيان فيما هم يكبرون. يبدأون حياتهم كأشخاص صغار مفعمين بالحيوية والنشاط وزاخرين بالمشاعر المتنوعة لكن وبعد أن يمضوا بعض الوقت في المدرسة، يكتشفون كيف يكون الرجال الحقيقيون ويشرعون في الحدّ من التعبير عن مشاعرهم. تظهر الأبحاث أن معظم الذكور يعانون ليس ليعبِّروا عن مشاعرهم وحسب بل ليتمكنوا من تحديد طبيعتها.
إن المصطلح الرسمي الذي يشير إلى هذه الصعوبة هو «ألكسيثيميا أو الأمية العاطفية» ويقدّر الطبيب النفسي رون ليفان عدد الرجال المصابين بالنوع البسيط أو الحاد منه بحوالى 80% من رجال مجتمعنا. إذا سألتم معظم الرجال عما يشعرون به فمن المرجّح أن تسمعوا ما يفكرون فيه وليس ما يشعرون به. وغالباً ما يجد الرجال (وأبناءهم) صعوبة في التمييز بين الاثنين. هذه المسائل العاطفية ليست ناجمة عن فروق في الدماغ بل هي فروق ناجمة عما يتعلمه الصبيان والفتيات من أهاليهم وأقرانهم وثقافتهم فيما هم يكبرون ليصبحوا راشدين.
تحذير مرتبط بنقص المفردات العاطفية
لعل الشعور الأصعب الذي يمكن للصبي الصغير أن يختبره فيما هو يكبر هو الشعور بالعار. ما من أحد يسره هذا الشعور لكن الصبيان قد يخشونه. يضرب الإحساس بالعار الصبي في الصميم ويدفعه إلى التقوقع على ذاته وإلى تجنّب التواصل مع الراشدين في حين أنه في أمسّ الحاجة إلى ذلك. يجب ألا يتضمن تأديب ابنك أيّ إذلال أو خزي.
هل الرجال من المريخ فعلاً؟
قد يكون من الصعب أن نكتشف الحقيقة عن الرجال والصبيان والمشاعر من آلاف النظريات المهنية والشعبية المتعلقة بالجنس. على الرغم من النجاح الذي حققه كتاب جون غراي Men Are from Mars, Women Are from Venus ، إلا أننا كلنا من سكان الأرض الدائمين.
وعلى الرغم من الفوارق الظاهرة في كيفية تعبير الفتيان والفتيات والرجال والنساء عن مشاعرهم وتحديدها، إلا أن معظم الباحثين اليوم يعتقدون أن الفروق بين الجنسين أقل مما يظن معظم الناس. فقد وجدت إحدى الدراسات على سبيل المثال أن الرجال والنساء يعانون من الاكتئاب للأسباب نفسها عموماً وأن الرجال ليسوا الأكثر عرضة للاكتئاب بسبب مشاكل متعلقة بالنجاح والعمل في حين أن النساء لا يكتئبن بسبب العلاقات فحسب. وسواء أكنت أماً أو كنت أباً فإن ابنك يشبهك في تركيبة مشاعره أكثر مما تظن.