تعلّم النضج:
لعلك تتساءلين ما إذا كان هذا التعبير عن المشاعر سيؤثر في سلوك ابنك. إذا كان «شديد الانفعال» فكيف سيتمكن من السيطرة على أفعاله والتحكّم بها؟ إنّ التهور الفطري والافتقار إلى المهارات الانفعالية يدفع الفتيان خلال سنوات الحضانة إلى إظهار مشاعرهم بالأفعال. إذا شعر أحدهم بالغضب فسيضرب طفلاً آخر، وإذا شعر بالإحباط فسيضرب رجله بالأرض، وإذا شعر بالسعادة فقد يقفز فرحاً. لكن، وفيما الصبي يكبر، يمكن للأهل أن يساعدوه على أن يتعلم كيف يفصل بين مشاعره وبين أفعاله. سيساعدك طبعاً أن تعرفي أولاً كيف تفعلين هذا.
اختيار السلوك المناسب من أجل النضج
ربما ستتفاجئين حين تعلمين أن الوعي العاطفي يحسّن قدرتك على التصرّف بشكل مسؤول. إذا عرفت أنك غاضبة مثلاً فيمكنك أن تختاري القيام بأمور تجعلك تهدئين؛ يمكنك أن تتحدثي عن غضبك وأن تبحثي عن حلول بدلاً من أن توجهي غضبك نحو شخص آخر. إذا
كنت قلقة فيمكنك أن تختاري أفعالاً تساعدك على حلّ مشاكلك بدلاً من أن تتهربي منها أو تزيدينها سوءاً.إذا عبَّرنا عن ذلك ببساطة فيمكننا أن نقول إنّ ما تشعرين به يمكن (وينبغي غالباً) أن يكون مختلفاً عما تفعلينه. يمكنك أن تتعلمي أن تحددي مشاعرك (ضعي يدك على قلبك وخذي بضعة أنفاس عميقة، فالتنفس العميق يشكّل نقطة انطلاق جيدة) ثم تقرري ما الذي تريدين أن يحصل. يمكن أن تقولي: «أنا غاضبة جداً منك الآن. أحتاج لبضع دقائق كي أهدأ ثم سنفكر في كيفية حلّ هذه المشكلة». إن التعبير عن المشاعر بهدوء واحترام أفضل بكثير من التعبير عنها بالأفعال.
النضج العاطفي
يمكنك أن تعلِّمي ابنك مهارات التحكّم بالمشاعر هذه نفسها. يمكنه وعلى غرارك ان يتعلم أن المشاعر ينبغي ألا تتحكّم بالسلوك لكنه سيتمكن من القيام بخيارات أفضل عندما يفهم مشاعره وانفعالاته الخاصة ويفكّر في كيفية التصرّف. يمكنك أن تقولي له على سبيل المثال: «تبدو قلقاً جداً بشأن امتحان الرياضيات. ما الأمور التي تخطر لك والتي من شأنها أن تساعدك كي تستعد له؟».
قال جندي حكيم ذات مرة إن الشجاعة ليست انعدام الخوف بل الإحساس به والقيام بما ينبغي القيام به على الرغم من الخوف. النضج العاطفي يعني أن نتمتع بوعي عاطفي وأن نختار التصرّف بطريقة مفيدة، ومن الحكمة أن تدركي أن ابنك سيحتاج إلى سنوات من الخبرة ليتقن هذه المهارة المهمة في الحياة