Site icon التربية الذكية

عندما يجعل الأهل أطفالهم يقعون ضحية أحلامهم الخائبة..

أحلامهم الخائبة

premium freepik license

أحلامهم الخائبة:
ما الذي سيحدث عندما تمضي السنوات والولد لم يحقق بعد أحلامهم الخائبة لوالديه؟
«سيدة كامبل، أود اغتنام هذه الفرصة لأقول لك إن ابنتك بهجة للنفس. إنها ودودة جداً ومحببة ومع أنها في صفي منذ سنوات إلا أنني أعتقد أنها غير مهتمة فعلياً بالباليه. لا ألمّح إلى أنها خرقاء أو أي شيء كهذا بل على العكس، لديها المؤهلات التي تخولها أن تكون راقصة باليه ولكنها لا تستمتع بالباليه. أظنها ستكون أسعد حالاً إذا تسجلت في السباحة أو صف الفنون». سمعت الأم الخائبة الأمل ما تقوله المعلمة: «لا تملك جميع الفتيات الصغيرات القدرة على رقص الباليه. ولكني متأكدة من أنك ستجدين لها شيئاً ستحب القيام به..»

مما لا شك فيه أن السيدة كامبل أدركت أن ابنتها غير مهتمة بالباليه ولكنها لا تتقبل الواقع. منذ أشهر وهي تُحضر ابنتها مرتين بالأسبوع إلى الصف وولكن إحضارها أصبح ساحة للقتال وقد استطاعت في كل مرة بالتهديد والابتزاز أن تقنع ابنتها بالذهاب، وظلت مصرة يغريها حلمها بأن يصبح في العائلة راقصة باليه. والآن بعد المقابلة مع معلمة الباليه، شعرت بخيبة الأمل فقد اتضح لها الآن أن حلمها لن يصبح أبداً حقيقة.

وماذا عن الولد الذي يحلم أهله أن يصبح عضواً بارزاً في المجتمع؟

«حباً بالله لا تتمسك بتنورتي بهذا الشكل. إنك تجعدها» هذا ما قالته الأم لابنها سيمون البالغ من العمر خمس سنوات، الذي لا يريد الذهاب إلى الحفلة. «حسناً، سأذهب معك ولكني سبق أن قلت لك إني لن أبقى معك. جميع رفاقك هناك وستستمتع كثيراً بالألعاب». «أكره الألعاب. لا أريد أن ألعب». قال ذلك باكياً بحسرة وهو يمسح وجهه بتنورة أمه. «ادخل رجاء. ليس عليك أن تلعب أي لعبة» قالت ذلك بيأس وهي تفكر بينها وبين نفسها: «سيصيبني هذا الولد بالجنون. هو مثل من؟ أنا أحب الحفلات»

لا تفهم هذه الأم الاجتماعية سبب خجل ابنها وانطوائه.إنها لا تصدق أنه يفضل اللعب في البيت مع كلبه على الذهاب إلى الحفلة. لا شك أن الألعاب التي يحبها ابنها ستظل تبدو لها مضجرة ولامعنى لها حتى تفهم التباين بين مزاجيهما. وإذا أصرت على محاولة تغيير ابنها، سيصاب كلاهما بالخيبة.

premium freepik
وماذا عن الولد الذي يتوقع أهله أن يكون ذكياً؟

«سيدة كوبر، يسرني أني التقيت بك مصادفة. لقد اتصلت ببيتك مراراً وتركت لك عدة رسائل لأني أردت ان أخبرك أن ابنك فرد يعاني منذ عدة أسابيع من مشاكل في القراءة. أريد أن تسمحي له بإجراء اختبار لتقويم قدراته…». قاطعتها الأم منذرة: «ماذا؟ رويدك، رويدك. اختبار لتري إن كان يعاني من صعوبات تعلمية؟ اسمعي يا سيدة تانيس. فرد ولد ذكي جداً. لقد لاحظت ذلك أنا وزوجي منذ ولادته.. في البيت يعرف كيف يقرأ. المشكلة هنا في المدرسة. أنت لا تعرفين كيف تحفزينه. لا عجب أن يشكو من الملل». ودخلت الأم إلى السيارة منزعجة وانطلقت بينما راحت المعلمة تراقبها وتأوهت محبطة.

تريد السيدة كوبر وزوجها ولداً ذكياً وهما لا يريدان أن يناقضهما أحد الرأي. قد يرسلان ابنهما إلى مدرسة أخرى قبل أن يعترفا بأنه بحاجة إلى مدرسة خاصة بذوي الصعوبات التعلمية. في المدرسة الجديدة سيواجهان الصعوبات ذاتها وإذا كانت حالة الولد صعبة شديدة سيكون عليهما أخيراً الاعتراف بأن ابنهما يعاني من الصعوبات التعلمية وسيفكران في إخضاعه لعلاج لحل مشكلته. أما إذا كانت حالته غير شديدة ولم تقل المدرسة إنه بحاجة إلى مساعدة خاصة فسيظل الأهل على إنكارهما معتقدين أن المسألة مسألة كسل وأنه بحاجة إلى أن يحاول فقط أكثر.

سيكبر هذا الولد تحت ضغط مستمر شاعراً أنه لن يقدر على نيل علامات جيدة وستقل ثقته بنفسه بسبب تصنيفه بأنه كسول، بطيء وغبي.

في المدرسة التي أتبوأ فيها منصب مديرة اتيحت لي الفرصة لمتابعة حالات كان الأهل فيها قد قرروا تغيير المدرسة قبل أن يعترفوا بأنه بحاجة إلى مساعدة. وبعض الأهل فضلوا السماح لطفلهم بالمعاناة لسنوات من الصعوبات التعلمية قبل أن يخضعوه لعلاج لحالته.من المؤسف حقاً أن نرى أولاداً كان بالإمكان مساعدتهم، ولكن الصعوبات غلّت أيديهم طوال حياتهم بسبب حاجة أنانية لدى الأهل لتغذية آمالهم.

Exit mobile version