التحكم بولدكم المراهق: نودّ عبر السيطرة على ولدنا المراهق والتحكّم به أن نحقق ما يلي:
- أن نحميه ونساعده على اتخاذ الخيارات الصحيحة
- أن نتعامل مع مخاوفنا الشخصيّة (خوف من الفشل، من المرض، من أيّ حادث، من أيّ لقاء بشخص غير مناسب، من نقص المال، الخ…)
إذن، لمَ علينا أن نتخلى عن محاولات التحكّم به والسيطرة عليه في أكثر وقت نشعر فيه نحن الأهل بالخوف المتزايد مما قد يحدث لولدنا؟
تخلّوا عن محاولات التحكّم به لأنها تفسد العلاقة بين المراهق وأهله
تقول كاثرين ديمونتال-كريمر: “التحكّم يفسد العلاقة بين المراهق ووالديه بقدر ما يفعل السرطان حين ينتشر ويشوّه الأعضاء الحيويّة الواحد تلو الآخر. يشكّل هذا فقداً كبيراً للطاقة بالنسبة إلى الأسرة كلها.”
يبدأ التحكّم بطرح الأسئلة على غرار الاستجواب وتحديداً “بضرورة أن نعرف”. ما الذي فعلته اليوم؟ مع من؟ أين؟… نرغب نحن الأهل كي نطمئن أن نعرف أين كان ولدنا المراهق اليوم، وما فعله، ومع من… هل يدخّن؟ هل يركب الدراجة الناريّة مع صديقه؟
لا أعلم ما هو رأيكم، لكن أنا شخصياً أكره أن يُطرح عليّ هذا النوع من الأسئلة. فهي تجعلني امتنع عن الكلام وتقطع الحوار (الذي لم يكن في الأصل حواراً).
يجعلنا ضغط المجتمع ومحيطنا في بعض الأحيان نتمنى أن نحظى بمراهق مثالي، ينجح في مدرسته ولا يدخن ولا يتسكع كثيراً خارج المنزل…
وإذا فرضنا عليه خياراتنا ونجحنا في كسر استراتيجيات التجنّب التي اعتمدها، فنحن نخاطر بكسر الرابط الذي يجمعنا. كم من مراهق ينفصل ويبتعد تماماً عن أهله؟
يحتاج المراهق لأن يتناقش معنا إذا ما رغب في ذلك. يحتاج لأن نكون حاضرين عندما يحتاج إلينا. نعم، نودّ نحن لو نختار لحظة النقاشات بأنفسنا إلا أنّ الأمور لا تسير لسوء الحظ على هذا النحو في مثل هذه السن!
إذن، التحكّم يقطع علاقتكم بولدكم ويقضي على الروابط بينكم. إن كان الولد المراهق يخشى التوبيخ وسماع المحاضرات التي لا تنتهي، فسيتوقّف عاجلاً أو آجلاً عن الكلام وسيختبئ خلف جدار من الصمت أو الكذب. وهكذا، لن نتمكّن من مواكبته وسيرحل عنا في أقرب فرصة تتاح له.
أعرف شخصياً حالة: أمضى ماثيو فترة شبابه في تزوير نتائجه المدرسيّة لتتماشى مع تطلعات والديه. وما إن بلغ الثامنة عشرة من عمره حتى رحل عنهما نهائياً.
وحالة ماثيو هذه ليست الحالة الوحيدة!
يقول رولان كونان: “هذه الأنشودة ستُحدث الأثر: كلما زادت القواعد، زادت المخالفات والانتهاكات. كلما زادت الانتهاكات، زادت العقوبات. كلما زادت العقوبات، زاد الاعتراض. وكلما زاد الاعتراض، زادت القواعد… بمعنى آخر، تنتج الأنظمة المتشددة أعراضاً تُضطر هذه الأنظمة إلى قمعها ومعاقبتها ومن ثم شجبها والتنديد بها، ما يعني أنها تنتج ظروف وشروط أحداثها الخطرة بنفسها.”
لكن ولدنا المراهق يحتاج إلينا، يحتاج إلى أهل يحترمونه ويحبونه من دون أن يحكموا عليه، أهل يرافقونه نحو الشخص الراشد الذي يكاد أن يصبح عليه.