طبعه ومزاجه:
المكان الذي يشغله كل ولد في العائلة، يقدّم لنا تجربة فريدة لا تكون هي ذاتها عند الولد البكر أوالولد الأصغر أو الولد الأوسط. ولكني اكتشفت أن المفتاح لفهم السبب الذي يجعل الولد يشعر بالراحة من عدمها مرتبط كثيراً ب”طبعه مزاجه”.لا يملك الشخص منا «طبعاً خالصاً» إذ المعروف أن كل واحد منا يملك أربعة طبائع (السريع الانفعال، الاندفاعي، البارد، السوداوي). ولكن بدرجات مختلفة وبنسب متفاوتة. يمكننا في الواقع أن ندرك كيف يشعر كل طفل بحسب هيمنة طبع ما عليه:
الطفل ذو الطبع السريع الانفعال
سيشعر بأنه بأحسن حال إذا كان الولد البكر، فبسبب قدرته على القيادة سيستمتع بأنه السيد على إخوته وسيدرك بفطرته هذه السلطة. إذا استفاد من كونه الولد البكر، سيكون فخوراً بتحمله المسؤوليات التي يقتضيها دوره.
ولكنه من جهة أخرى سيشعر بعدم الراحة إذا كان الولد الأوسط أو الصغير في العائلة، إذ سيشعر بأنه مقموع وبأن عليه دائماً التنافس مع الأكبر سناً من إخوته الذين سيعاني معهم من أوقات عصيبة عندما سيحاول أن يكون السيد عليهم. يحتمل أن يصب جام إحباطه عليهم.
الطفل ذو الطبع الاندفاعي (impulsive) اجتماعي
وهو الأكثر تكيفاً والأسهل عريكة بين جميع الأخوة ولكنه لا يحسن تحمل المسؤولية إذا ما كان الولد البكر، لأنه سيميل إلى أن يكون خالي البال، متململاً، شارد الذهن. وبناء عليه سيكون أفضل حالاً فيما لو كان الولد الأوسط أو الأصغر، وعندئذ سيستمتع بعلاقة جيدة مع إخوته وأخواته لأنه يعرف كيف يتواصل مع كل واحد منهم.
الطفل السوداوي الطبع
يعاني كثيراً إذا كان هو الولد البكر. إن شخصية حساسة وانطوائية ولطيفة كهذه الشخصية سيكون عبئاً كبيراً عليها تحمل مسؤولية العناية بالإخوة. إنه قلق دائماً لأنه قد لا يقدر على القيام بهذه المهمة بشكل جيد ويشعر بالذنب كلما حدث أي حادث مؤسف. ولكنه يشعر بالأمان إذا كان الولد الأوسط المحمي من قبل الأخ الأكبر منه. حاله تكون على أفضل ما يكون إذا كان الأصغر لأنه عندئذ سيستمتع بالانتباه الذي سيحظى به من إخوته الأكبر منه سناً ومن والديه أيضاً. إن رقته تجعل الأهل ينتبهون إليه دائماً وقد يعملون على الإفراط في حماية هذا الطفل.
الطفل ذو الطبع البارد
هو طفل هادئ ومرتب. يتحمل إخوته ويفضل الاستسلام على التشاجر أو التقاتل. عندما يعارضه أحدهم الرأي، يحتفظ ببساطة بهدوئه ويمشي مع التيار، وعندئذ يقوم بكل ما يمتعه. إذا كان هو الولد البكر فهو قادر أن يكون صبوراً على إخوته ولكنه سيعاني من صعوبات على صعيد إرشادهم ودفعهم إلى الطاعة وسيشعر بالضغط حتى وإن لم يُظهر ذلك. إذا كان الولد الأوسط فسيشعر بأنه مرتاح لأنه يقدر على الهرب من الأضواء وفي الوقت ذاته سيمتلك دعم إخوته.
ما الذي يحدث للولد الوحيد وماذا عن طبعه ومزاجه؟
قبل هذا الزمان نادراً ما كان هذا يحدث أما اليوم فمن الشائع أن يكون في العائلة ولد واحد وهذا الولد يواجه وضعاً خاصاً حيث قد تتفاقم مشاكل عدة إلا إذا تنبّه إليها الأهل.
أولاً، يحمل الولد الوحيد عبء كل توقعات وآمال أهله التي يعقدونها عليه وحده. في العائلة الكبيرة عندما لايحقق البكر توقعات أهله منه، قد يشعرون بالخيبة ولكن يبقى لديهم أمل بأن أحد أبنائهم قد يحققها. أما حين لا يكون هناك إلا ولد واحد فالأهل قد يرونه فرصتهم الوحيدة لتحقيق أحلامهم وهكذا يشعر هذا الولد بكل ضغط وعبء توقعاتهم منه.
أضف إلى ذلك أن كل الانتباه الذي يتشاطره الأخوة عادة، ينصب عليه وحده فتكون النتيجة أن يراقبه الأهل كثيراً.