الرياضة بالنسبة للصبيان أكثر من مجرد لعب ..إنها حياة وعاطفة
مرّي بأيّ ملعب رياضة للصغار وراقبي ما يحدث. في الملعب، يصبح الفتيان القساة والخشنون مفعمين بالحيوية والنشاط وقادرين على التعبير عن مشاعرهم فهم يضربون الكف بالكف عالياً ويعانقون بعضهم البعض وحتى يبكون.
إن النصر جميل لكن الهزيمة ممكنة دوماً.
يمكن للرياضة أن تؤمن للصبيان ما قد لا يجدونه في أيّ مكان آخر من حياتهم: مكان آمن للتحلي بالمشاعر. إذا ما اقترنت الرياضة بالتدريب الصحيح والدعم من الأهل، فيمكن أن تسمح للصبيان بأن يبذلوا الجهد، وأن يتعلموا عن أنفسهم وأن يلامسوا الفشل وأن يختبروا فرحة تحقيق انجاز ما برفقة الآخرين. لا ينسى العديد من الصبيان الموسم الذي لم يهزموا فيه أبداً، أو أول تسجيل لهم في ملعب الغولف أو تحقيقهم المرتبة الأولى في السباحة.
سؤال: ماذا لو أراد ابني أن يترك رياضة ما ويجرّب أخرى؟
لا يثق الصبيان دوماً بأنهم سيحبون فعلاً الرياضة التي اشتركوا فيها. قرري ما الذي تريدين أن يتعلمه ابنك من الرياضة. بعدئذ، اجلسا وتحدثا معاً عن المتابعة. يحتاج الصبيان لأن يتمكنوا من تجربة نشاطات جديدة ويحتاج الأهل لأن يدركوا أن ليس كل شيء يناسب حكماً.
مما لا شك فيه أن الصبيان والفتيات يمارسون الرياضة إلا أنهم يقاربون المنافسة بشكل مختلف. ففي مسح أجري حديثاً في مخيم لكرة القدم للناشئة، أشارت الفتيات إلى أنهن يمارسن الرياضة أولاً ليستمتعن بوقتهن وليكنّ مع الأصدقاء. من ناحية أخرى، يمارس الصبيان الرياضة ليستمتعوا وليحسنوا مهاراتهم الشخصية. ينظر الصبيان إلى النشاطات الرياضية على أنها وسيلة للالتحاق بالجامعة أو حتى مهنة. ويشير الصبيان فيما هم ينضجون إلى أن ما يهم فعلاً هو أن يحققوا النصر مهما تطلّب ذلك. وربما تفقد بهجة الرياضة هنا بريقها.
إنها مجرد لعبة
يتحوّل الصبيان الصغار فجأة إلى محترفين ناشئين مع مدربين ومشرفين وأطباء نفسيين مختصين في مجال الرياضة. وتتحوّل لعبة الكرة والعصا التي تُلعب في قطعة أرض مليئة بالأوساخ إلى مباريات إقليمية تنافسية لفرق الصف الساد
يعتقد العديد من الخبراء أن الأولاد، ومعظمهم من الصبيان، يتعرضون في سن مبكرة لضغوطات من الأهل والمدربين كي يخصصوا الكثير من الوقت والطاقة لرياضة ما على أمل أن يشكّل ذلك بطاقة مرور إلى الثراء والشهرة. ومن المؤسف أن معظم فوائد (ومتعة) النشاطات الرياضية التي يمارسها الصغار تختفي عندما يرسل الراشدون رسالة مفادها أن السبب الوحيد للعب هو الربح وجني المال.
إذا كان ابنك يمارس الرياضة فمن الحكمة أن تراجعي توقعاتك الخاصة. ينظر غالبية الصبيان إلى الرياضة على أنها مجرد لعبة حيث ينبغي أن يستمتعوا بأوقاتهم.
تحذير!
احترسي من تسجيل ابنك في مجموعات ونشاطات يومية. يحذّر خبراء مثل الدكتور ميل لوفين، وهو طبيب أطفال معروف، من أن الأولاد الذين يكون برنامجهم مثقلاً يُحرمون من فرصة تعلّم كيف يسلون أنفسهم. إذا بقيت مصرّة على الرياضة وعلى مجموعات اللعب وغيرها من النشاطات فقد يصبح ابنك غير قادر على أن يلعب في فناء المنزل وحسب.
عندما تشجّعين ابنك على ممارسة الرياضة، لا بد من أن تدرسي أولاً دوافعك الخاصة. لعلك أردت أن تحققي انجازاً في رياضة ما لكنك مُنعت من اللعب أو لعل حياتك المهنية كرياضية محترفة قد انتهت بسبب إصابة وبدأت تحلمين باليوم الذي يحقق فيه ابنك ما عجزت أنت عن تحقيقه. إنه لأمر رائع أن يتمكّن الأهل من مشاركة ابنهم حلمه، وأن يدعموا جهوده وأن يعملوا على تشجيعه. لكن من المؤذي أن يبالغ الأهل في الضغط على الولد. يجب أن يلعب ابنك لأنه يرغب في ذلك. هذا هو الأمر ببساطة.
يجب أن تحرصي على الانتباه في التدريب وفي المباريات. يمارس معظم المدربين عملهم لأنهم يهتمون بالشبان ويرغبون في مساعدتهم لكن بعضهم يعتقد أن إهانة الصبيان وإذلالهم أمر مقبول طالما أنه يقود إلى الفوز. لا تسمحي للمدربين ولأفراد الفريق بأن يسيئوا معاملة ابنك جسدياً أو كلامياً، وإن كانت المضايقات البسيطة جزءاً من العملية.
حتى لو لم تستطيعي أن تراقبي كيف يتعامل المدرب واللاعبين الآخرين مع ابنك، فثمة سبل أخرى لمعرفة ما إذا كانت الرياضة تناسب ابنك أم لا. قد تجدين ابنك ينتظرك مع معداته قرب السيارة قبل موعد التمرين بنصف ساعة أو لعله سيعاني من ألم في المعدة ويرفض التحدّث قبل التمارين وبعدها. تحلّي بالصبر واحرصي على الاستماع إليه. قد تكون أسباب مشاعره وجيهة.
تذكّري أن قيمة ابنك لا تعتمد على انجازاته الرياضية، ولا يصبح معظم الصبيان من المحترفين مهما بذلوا من جهد ومهما تمرنوا. لاحظي جهود ابنك وتحسّن أدائه؛ وتصرفي بلطف حين يخطئ أو يفشل. إنّ الانتقاد المستمر للعبه لن يجعله يحب الرياضة… أو يحبك. يمكن للرياضة أن تعلّم ابنك الكثير عن الحياة والتصميم والعمل ضمن فريق. وسيتعلّم بشكل أفضل إذا ما ساعدته على أن يتذكّر أنها مجرد لعبة حقاً.