المراهقة تشكل جزءاً هاماً جداً من تطور الإنسان السليم لكنها نادراً ما تكون سهلة وبسيطة. يحتاج المراهقون لأن يفهموا العديد من الحاجات المتعارضة، فهم يريدون الحفاظ على ارتباطهم بالأهل والعائلة (رغم أنهم لا يريدون الإقرار بذلك) كما يريدون امتيازات وفرص الراشدين. وقد يشعرون بالقلق حيال استقلاليتهم الوشيكة، وهم يريدون أن ينسجموا مع الأصدقاء وأن يختبروا سلوكاً جديداً وأن يتعلموا بعض الأمور بأنفسهم. ويمكن أن يبدو هذا كعبء ثقيل.
التغييرات الجسدية
لا مفرّ من أن يتحوّل ابنك خلال مرحلة المراهقة إلى شيء جديد تماماً، فهو يصبح أطول كما تكبر عضلاته ويتغيّر صوته. ويظهر الشعر في أماكن غير متوقعة أو لا يظهر، لكن كلا الحالتين تسببان التشوش والاضطراب. وتكبر أعضاؤه التناسلية وتنمو ويبدأ باختبار حاجات ورغبات جديدة. وهذه التغييرات تجعل الصبي يشعر غالباً بعدم الراحة في تعامله مع والديه، لاسيما أمه، وتفضي إلى رغبة متزايدة في التمتع بالخصوصية.
تتزامن هذه التغييرات الخارجية مع تغيّر داخلي هام: لا بد لابنك أن يبدأ رحلته من عالم الطفولة إلى عالم البلوغ. وهي ليست بالعملية السهلة دوماً. يجب أن يكتشف ابنك شخصيته الخاصة وأن يبدأ بالتفكير في الطريقة التي يريد أن يعيش بها حياته كشخص راشد.
إنه يريد أن يمرح ما قد يقوده نحو سلوك متهور كما يصبح أصدقاؤه جزءاً مهماً جداً من حياته. وقد يتعرّض الصبيان خصوصاً للضغط ليتخذوا قراراً بشأن المهنة المناسبة وليظهروا كأشخاص كفوئين وقادرين. يجب أن يكتشف ابنك كيف يفصل نفسه عنك؛ ولهذا، يتحوّل معظم الأطفال، الذين اعتادوا أن يكونوا مطيعين، إلى أشخاص حساسين على كل ما يؤمن به الأهل.
دعم ابنك أثناء المراهقة
يمكن ان يقدّم الأهل الحكماء عوناً كبيراً للصبيان أثناء إبحارهم في مياه المراهقة المضطربة. ستتغير علاقتك بابنك خلال هذه السنوات لكن لا حاجة لأن تصبح هذه العلاقة متباعدة أو صعبة. إليك بعض الاقتراحات:
حافظي على الرابط بينكما. حتى لو ادّعى ابنك أنه لا يهتم إذا ما حضرت الأحداث الرياضية أو النشاطات المدرسية التي يشارك فيها، احرصي على أن تحضري. يكفي أن يعرف انك موجودة في حياته ليشكّل هذا فرقاً كبيراً.
حافظي على نشاطك كأم. يحتاج ابنك لحدود ومتابعة محترمة فيما هو يتعلم كيف يتخذ بنفسه القرارات الجيدة. استعلمي عن مدرسته وعن أصدقائه. ضعي حدوداً معقولة وتابعي المسألة حتى النهاية.
اعترفي بأن أولويات ابنك مختلفة عن اولوياتك. لعل القلق ينتابك بسبب موعد عودته إلى المنزل والنتائج والعلامات والمهام المنزلية، فيما ابنك منشغل على الأرجح بالبثرة على جبينه والفتاة التي تجلس إلى جانبه في حصة الرياضيات.
تقبّلي أنك لا تستطيعين ضبط ابنك والتحكّم به. يمكنك أن ترشديه وأن تعلِّميه وان تدعميه وأن تشجعيه؛ قد تضطرين أحياناً إلى متابعة اتفاق ما حتى النهاية. لكنك لا تستطيعين التحكّم في أفكار ابنك أو مشاعره أو أفعاله. عليه ان يتعلّم أن يفعل هذا بنفسه.
دعيه وشأنه عند الحاجة. يحتاج ابنك لأن يمارس مهارات الراشدين ومواقفهم. مما لا شك فيه أنه سيرتكب الأخطاء لكنه يستطيع أن يتعلّم الكثير من هذه الأخطاء إذا ما سمحت له بذلك. إن الأهل الذين يبالغون في التعلّق بأولادهم يجدون عادة أن ابناءهم يبعدونهم عنهم.
تعرّفي من خلال تغييرات المراهقة، على الرجل الذي سيصبح عليه ابنك. يمكن للأهل والمراهقين أن يجدوا التغيير صعباً لكن لا بد منه عند تربية الصبيان. لا يمكن للصبي أن يبقى ابنك الصغير لكنه سيرحب بوجودك في حياته عندما يترافق هذا الوجود مع الحب والاحترام.