من الصعب أن تكون صبياً
تخيلوا هذا السيناريو: إنه موعد المشاريع الفنية في الحضانة المجاورة. اجتمع خمسة عشر ولداً في الرابعة من العمر في مجموعات فيما السيدة غرانت، المعلمة، تشرح ما عليهم فعله. تضع الفتيات المآزر البلاستيكية بهدوء وينتقلن إلى الطاولات وهن يتحدثن بصوت خافت ويجمعن الأوراق والفراشي. لكن يبدو أن بعض الصبيان على موجة مختلفة تماماً، فأربعة منهم ما زالوا في الملعب يحاولون أن يجعلوا البرج الذي يركبونه من القطع المتحركة هو الأعلى، ووقف اثنان منهم عند النافذة ينظران إلى شاحنة نفايات تمر في الشارع فيما انتزع ثلاثة صبيان الفراشي من الفتيات وراحوا يتبارزون بها ويطعنون بعضهم ويضحكون.
وقائع
يبدأ موقف الصبي من المدرسة والتعلّم منذ صفوف الروضة. لسوء الحظ أن العديد من الصبيان يطردون من الروضة لأنهم لا ينسجمون مع المعلمة أو مع رفاقهم.
تقول السيدة غراي بلطف: «يا صبيان، اجلسوا رجاءً وانضموا إلينا على طاولة الأعمال الفنية». لكن الصبيان منشغلون بمصادر تسليتهم الخاصة، يحدثون ضجة ويقهقهون. تحرك صبي أو اثنان وبدآ بوضع المئزر لكن الفن بالنسبة إلى معظمهم ليس جذاباً بقدر ما يفعلونه حالياً. فقدت السيدة غرانت صبرها أمام هذه الفوضى؛ وفيما راحت الفتيات ينظرن بتعجرف، قادت السيدة غرانت المتبارزين والناظرين من النافذة إلى الزاوية المخصصة للعقاب.
وقالت بحزم: «سأرسل كلمة إلى أهاليكم».
الفتيات والصبيان ينمون ويتطورون بطريقة مختلفة لاسيما في سنوات الحياة الأولى. فتكتسب الفتيات عادة المهارات اللغوية والاجتماعية فيما يميل الصبيان إلى التصرف بتهور والتمتع بطاقة أكبر ولا يتعاملون بسهولة مع القراءة والكتابة. إنّ معظم المدرسين في الحضانة والصفوف الابتدائية هم من النساء، وغالباً ما يجدن صعوبة في التعامل مع أسلوب الصبيان الصغار التنافسي والنشيط.
يكتشف العديد من الصبيان الصغار في وقت باكر جداً أن المعلمة لا تحبهم على ما يبدو بقدر ما تحب الفتيات اللواتي لا يواجهن أيّ صعوبة في أن يجلسن بهدوء وصمت وفي أن يتبعن التعليمات والإرشادات وفي أن يقمن بعملهن. تبدأ مشاكل الصبيان مع المدرسة باكراً.
يشير مركز الدراسات المتعلقة بالأطفال في يال إلى أن الطفل عرضة للطرد من الحضانة أكثر من روضة الأطفال بمعدل ثلاث مرات تقريباً، كما أن الصبيان عرضة للطرد من الحضانة أكثر من الفتيات بأربع مرات ونصف. ترتبط أسباب معظم حالات الطرد بمشاكل سلوكية كما أن العديد من هذه المشاكل السلوكية تحصل عندما يتصرف الصبيان الصغار كصبيان. عندما يبلغ الصبي سن الالتحاق بالمدرسة الحقيقية، يكون قد قرر أن الصف هو مكان يشعر فيه بأنه عديم الكفاءة وغير محبوب وغير مرغوب فيه.
الفرق في النمو والتطور
الفتيات لسن أفضل من الصبيان، والصبيان ليسوا أفضل من الفتيات. لكن الصبيان والفتيات مختلفون بالتأكيد لاسيما ضمن المجموعات. فالصبي الوحيد سيسره ان يقلّب صفحات كتاب أو يركب أحجية أو يركز على مهمة محددة لكن حين يجتمع الصبيان معاً، يبرز التنافس والنشاط عادة. يشير الدكتور جوزيف توبين، أستاذ تربية الطفولة الأولى في جامعة ولاية أريزونا إلى أنّ «ثقافة المدارس أنثوية أكثر مما هي ذكورية، لاسيما بالنسبة إلى الأولاد الصغار. فوجود الرجال يكاد يكون معدوماً في المراحل التعليمية الأولى. وتجد العديد من معلمات الأطفال أن اهتمام الصبيان بالعنف والأشياء الضخمة ووظائف الجسم مملة أو غبية».
يمكن لمعدل نشاط الصبيان المرتفع ومقاربتهم التنافسية والعملية للتعلّم أن يولّد تحديات حتى لأكثر الأساتذة تفهماً، لاسيما في الصفوف الكبيرة الحالية. وفي حين أن الكثير من الصبيان هم تلامذة ممتازون خلال سنوات الدراسة إلا أن معظمهم يتعلمون القراءة بعد الفتيات. يعتقد العديد من الخبراء أنه غالباً ما يُشار إلى الصبيان على أنهم متعلمون ذوو مشاكل بسبب الفروق في النمو وليس بسبب مشاكل أكاديمية فعلية.
وقائع
استناداً إلى المركز الوطني للإحصاءات التعليمية في أميركا، إن الصبيان أكثر ميلاً من الفتيات إلى الإخفاق في المدرسة أو تركها بنسبة 30%؛ وتتفوق الفتيات على الصبيان في العلامات والواجبات المدرسية في المرحلة الابتدائية وحتى الصفوف الجامعية. يفوق عدد النساء عدد الرجال في الدراسات الجامعية، حيث تبلغ نسبتهن 56% في إجازة البكالوريوس و55% في الدراسات العليا.
يبدو أن المدارس تقدّر عالياً المهارات التي تجيدها الفتيات. والصبي، الذي يتعلّم أنه فاشل وأنه مشكلة، من غير المرجّح أن يحب المدرسة ويستمتع بها. يؤدي الرسوب في المدرسة إلى الشعور الذي يخشاه الصبي أكثر من أي شعور آخر أيّ الخزي. ويؤدي الخزي بدوره إلى عدم احترام الذات وإلى البعد عن المجتمع المدرسي. ومع اقتراب موعد الالتحاق بالصفوف الثانوية، يصبح الصبيان أكثر عرضة لمواجهة المشاكل الأكاديمية وأكثر ميلاً للتهرّب من المدرسة وتركها كلياً.