السلوك السيء:
إنها نهاية اليوم. كالعادة نذهب أنا أو زوجي لإحضار طفلنا الصغير من منزل المربية، يُفترض أننا سنحصل على عناق كبير! أثناء تحدثنا مع المربية عن يومها مع طفلنا يبدأ ابننا الصغير بالقول “سأضربك!” أو أيضاً “سأبصق” أو يبدأ بكل بساطة بالصراخ والقفز في أرجاء المكان فيما يعلم تماماَ أنه من غير المسموح له القيام بذلك.
باختصار، نحن نتساءل ما هي الطريقة الأنسب لجعل طفلنا يتوقف عن هذه السلوكيات السيئة، إن لم نقل عنها حماقات! لأننا في هذه اللحظات، لا نرغب سوى بالقيام بأمر واحد: أن نغضب، أن نصرخ، أن نوبخ ونعاقب… حسناً إنها ثلاثة أمور في الحقيقة! ثم نبدأ بالتفكير فيما إذا كان من المرهق لطفلنا أن يكون مهذباً إلى هذا الحد، أو فيما إذا ان طفلنا يقوم بهذه الأمور عن قصد لأنه يفتقدنا… هل حدث ذلك معكم من قبل؟ هل يقوم طفلكم بأمور يعلم تماماً أنه ليس من حقه القيام بها؟ كيف تتعاملون مع السلوك السيء؟
ما رأيكم بأن نرجع خطوة إلى الخلف وننظر إلى الأمور من بعيد لمحاولة فهم ما يحصل في عقل طفلنا الصغير وعقول كل الأطفال الذين يرتكبون مثل هذه الحماقات. للقيام بذلك، أقترح عليكم عبر هذا المقال أن تتعمقوا في نظرية جين نيلسن، مؤلفة كتاب التأديب الإيجابي.
نظرة جديدة إلى السلوكيات السيئة
مسؤولية مشتركة
في كتابها التأديب الإيجابي، تشجعنا جين نيلسن على النظر إلى فكرة المسؤولية على أنها وسيلة للتحرر لا لجعلنا نشعر بالذنب، لأنها تسمح لنا بأن نصبح عاملاً أساسياً للتغيير. عند قراءة هذه الكلمات، أدرك أنه يمكنني مساعدة طفلي الصغير على تغيير سلوكه من خلال تغيير ردة فعلي كشخص بالغ. فكما أقول دائماً، أنا أحاول أن أرى نصف الكوب الممتلئ عن طريق تجنب الشعور بالذنب قدر الإمكان وكذلك عبر تذكير نفسي أن ما يمر به طفلي هو مرحلة عابرة لن تدوم: يمكننا نحن الكبار مساعدة أطفالنا من خلال تغيير أنفسنا. من الرائع أن نفكر في الأمر بهذه الطريقة/ كما انه أسلوب محفز للغاية!
فهم طبيعة السلوك السيء أو غير اللائق بشكل أفضل
تفسر لنا جين نلسن أن هناك عوامل عديدة قد تكون السبب في بدء السلوك السيء:
نقص معرفة وإدراك ما هو متوقع. أي أننا دائماً ما نتساءل إن كان طفلنا قد فهم جيداً ما نتوقعه منه.
نقص الممارسة العملية. من المهم إتاحة الوقت للطفل للتعلم. هل نحن متأكدون من أن طفلنا يمتلك ما يكفي من الخبرة والمهارة للتصرف بالطريقة المطلوبة؟
سلوك يتوافق مع المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل. أغلب الأطفال الصغار يتصرفون بطريقة غير لائقة وفقاً لسنهم. منذ أن عرفتُ هذه النقطة، بدأتُ أتساءل إذا ما كانت توقعاتي تتناسب مع مرحلة تطور طفلي العمرية أم لا.
شعور يالعجز أو غياب الدعم والتشجيع. سواء كنا أطفالاً أو أشخاصاً راشدين، حين نشعر بالإحباط يبدأ الدماغ البدائي بالسيطرة على افكارنا وتصرفاتنا. نتوقف بالتالي عن القدرة على التفكير بطريقة منطقية وتحليل الأمور وتكون النتيجة على الشكل التالي: نتصرف بطريقة غير لائقة، ونتواصل بأسلوب أقل فعالية، ونهرب…
سلوك يتحكم فيه الجانب الغريزي أو البدائي من دماغنا. إذا كان طفلنا جائعاً أو متعباً على سبيل المثال، فمن الطبيعي أن ندرك أن سلوكه لن يكون على المستوى المتوقع.
الأهداف الأربعة الوهمية
قام رودولف دريكرس الطبيب النفسي النمساوي الذي استوحت جين نلسن فكرة التأديب الإيجابي منه، بتحديد 4 “أهداف وهمية” يميل إليها الطفل حين يشعر بالإحباط. لماذا قام بتسميتها “الأهداف الوهمية”؟ ذلك لأن هدف الطفل عندما يقوم بتصرفات وسلوكيات سيئة يرتكز على اعتقاد باطني لا يلبي احتياجاته من حيث الشعور بالانتماء والأهمية. هل ما زلتم تتابعون؟
في الواقع، قد لا يدرك الطفل اعتقاداته الخفية (والتي غالباً ما تكون خاطئة) ولا يعلم سبب سلوكه بشكل عام. تقول جين نلسن لنا باختصار “بناءً على تحليلاتهم الخاطئة، يتبع الأطفال هدفاً وهمياً معتمدين السلوكيات السيئة كوسيلة”.
إليكم هذه الأهداف الوهمية الأربعة:
- جذب الانتباه
- الحصول على السلطة
- الانتقام
- تأكيد الظن بأنهم عاجزين
كيفية التعامل عند ظهور سلوكيات سيئة
مع الأسف قد يبدو هذا الجزء من المقال نظرياً بعض الشيء ولكنه يسمح لنا بفهم الأسباب الكامنة خلف هذه الحماقات الشهيرة التي تفسد حياتنا أحيانًا إلى حد ما! لذا، بشكل ملموس، ما هي النتيجة؟ فيما يلي جدول عملي للغاية يمكنكم أن تجدوه بشكل مفصل أكثر في كتاب جين نلسن.
لائحة التعريف عن الاعتقادات الكامنة خلف سلوكيات الطفل السيئة
ما يجب حفظه من كل هذا…
.. هو أن السلوك السيء ليس سوى حجة يستخدمها الطفل للتعبير عن حاجته ومحاولة الاستجابة للهدف الذي حدده في لاوعيه. كأهل، لدينا غالباً الميل للتركيز على السلوك السيء نفسه لا على عمق المشكلة وهذا طبيعي جداً لأننا قد نصل إلى مرحلة نفقد فيها أعصابنا!
هذا ما يحصل بالضبط حين نكون مرضى: إذا عالجنا العوارض، سنحصل على نتائج على المدى القصير لكن بهذه الطريقة لا تتم معالجة المرض وستعود المشكلة للظهور مجدداً مراراً وتكراراً… من هنا تأتي أهمية النجاح في تحديد الهدف الوهمي والاعتقاد المخفي اللذان يترافقان مع السلوك السيء بغية التمكن من التصرف بطريقة فعالة.