طفل حساس: عن طريق محاولتنا حماية أطفالنا من كل المخاطر التي قد تهددهم، وكل العقبات التي قد تعيق تقدمهم، وكل المشاعر الحزينة والمخاوف، حرمناهم من إمكانية أن يصبحوا أشخاصاً راشدين ناجحين.
المبدأ بمنتهى البساطة: يجب أن تتم حماية أطفال هذا الجيل بطريقة لم يكن لها مثيل من قبل.
ليس من المسموح لهم أن يستخدموا الأدوات، ليس من المسموح لهم أن يلعبوا على العشب، وبالطبع لا نتوقع منهم أن يتمكنوا من حل خلاف مع صديقهم بمفردهم.
لهذا السبب بنينا مناطق أمان في حرم الطلاب وجيل الألفية الذين لا يتمكنون أبداً من دخول عالم الكبار. لقد فسرنا لجيل كامل من الاطفال أنهم لا يمكنهم أن يكونوا بأمان كما يجب، وقد صدقوا كلامنا.
لا شك في أن نوايانا جيدة.
لكن جهودنا لحمايتهم أتت بنتيجة عكسية.
عندما نربي أطفالاً لم يعتادوا على مواجهة المخاطر، الفشل، والمشاعر الصعبة بمفردهم، هذا لا يشكل تهديداً على المجتمع فقط، بل على اقتصادنا أيضا.ً
ومع ذلك، فإن طريقة التربية الحديثة والقوانين المنصوصة تساهم تحديداً في زيادة نسبة عدم الاستعداد لدى أطفال هذا الجيل.
نخشى أن كل الأمور التي يراها أطفالنا ويقومون بها ويأكلونها ويستمعون إليها ويلعقونها يمكن أن تضرهم. ومن خلال التعليم العالي، نخاف أن تسبب لهم الكلمات والأفكار بحد ذاتها الأذى.
كيف يمكننا أن نظن أن جيلاً كاملاً من الأطفال غير قادر على تحمل تحديات النمو والتطور؟
منذ عام 1980، تغير مفهوم الطفولة.
لعدد من الأسباب، تطوّرت الكثير من التغيرات والنظريات التربوية والمعايير الجديدة في مجال التربية، بالإضافة إلى تواجد المزيد من القواعد والتقدم التكنولوجي، وتنامي التخوف من عمليات الخطف.
فقد الأطفال معظم فرصهم بخوض تجارب اللعب غير الخاضع للرقابة، وبالاستكشاف وحل نزاعاتهم بأنفسهم. مما جعلهم أكثر رقة وحساسية واتكالية من الأطفال الآخرين.
لقد تم تعليمهم الاعتماد على الأشخاص الأعلى سلطة لحل مشاكلهم، وأن الآخرين سيتكفلون بحمايتهم من الأذى.
هذا ما يُسمى بالتبعية العاطفية.
كل هذا يهدد الانفتاح والقدرة على التكيف، وهي سمات يحتاجها الشباب للنجاح في مرحلة الدراسة الجامعية وما بعدها.
وبما أنهم يبدأون حياتهم الدراسية والمهنية وهم غير معتادين على الإحباطات والخيبات ومشاكل سوء الفهم، فمن الطبيعي أن يكونوا حساسين جداً.
وبما أنهم لم يتمكنوا من تطوير مهارة تجاوز العقبات، فإن كل تل صغير يبدو أشبه بجبل بالنسبة لهم.
إن المبالغة في النظر إلى المخاطر أمر شائع اليوم بين الطلاب.
لم يعد يهم ما يعنيه الشخص الذي يتوجه إلينا أو كيف يقوم المستمع العقلاني بتفسيره وتحليله، بل ما يهم فقط هو مدى شعور شخص ما بالإهانة مما قيل.
إذا كان الأمر كذلك، فإن المتحدث قد ارتكب “عدواناً مصغراً” (العدوان المصغر هو مصطلح يُستخدم لوصف الإذلال البيئي، اللفظي، أو السلوكي اليومي المُنتشر المُتعمّد أو غير المُتعمّد الذي يوصل موقفاً عدائياً، مُهيناً، أو سلبياً موجهاً للمجموعات الموصومة أو المُهمّشة ثقافياً.) ويكون رد الفعل الذاتي للطرف الذي تم التعرض له دافعاً شرعياً للاستنجاد بالعميد أو بفريق الاستجابة للأحكام المسبقة.
نتيجة لذلك، أصبح كل من الطلاب والمدرسون اليوم يشعرون كأنهم يسيرون على البيض.
هذا يعيق الفكر الحر والتعبير عن الرأي بانفتاح – وهي العناصر الأساسية للتعليم العالي.
وعلى الرغم من معرفتنا كيف هو الحال في الجامعة، ماذا يمكننا أن نقول عن الأطفال الذين لا يزالون في المدرسة والذين يتم تذكيرهم باستمرار أنهم يمكن أن يؤذوا الآخرين بكلماتهم دون قصد؟
عندما يصبح الأطفال، الذين يبلغون اليوم 8 سنوات، شباباً في سن الثامنة عشر ويرتادون الجامعة، هل سيعتبرون أن حرية التعبير تستحق الحماية؟
يتحدث الأهل والمعلمون عن الحساسية المتزايدة التي يلاحظونها لدى الأطفال. من الصعب عدم استنتاج أن الحماية المفرطة للأطفال وحساسية الطلاب وجهان لعملة واحدة.
من خلال محاولة حماية أطفالنا بشكل كبير، نحن نحميهم كذلك بشكل كبير من النجاح.