أطفال اليوم بدون طموح : يحظى الأطفال اليوم باهتمام لا مثيل له وبكل ما يرغبون في الحصول عليه.
يذهب الجميع إلى أبعد الحدود لإرضائهم. لذلك أصبح الأطفال أسياد العائلة.
نحن نقوم بكل شيء من أجلهم ويجب على الجميع أن يكسبوا رضاهم. الأهل الصالحون هم أولئك الذين يستطيعون تحقيق كل ما يرغب به طفلهم.
لا وجود للحدود.
أي بمعنى آخر، الحدود الوحيدة هي حدود صبر الأهل. يجلس الأطفال أولاً على طاولة الطعام ويختارون ما يرغبون بتناوله.
إذا كانوا لا يحبون طعاماً ما، تحضّر الأمهات طبقاً جديداً لهم.لا قيمة للأهل أبداً. يمتلك الأطفال رأياً في كل الأمور. هم يتعلمون أنهم ليسوا حتى بحاجة إلى والديهم.
التقدم بالعمر أمر سيء!
يبدو التوزيع الجديد للسلطة في الأسرة رائعًا، على الأقل من وجهة نظر الطفل. لكن كنتيجة لهذا التغيير، يمكن أن يزداد وضعهم سوءًا بمرور الوقت.
ونتيجة لذلك، فقد الأطفال والشباب حوافز الاجتهاد والنضج التي لطالما كانت تدفعهم، مما أثر أيضًا على نظام القيم لديهم.
قبل خمسين عامًا، كان المراهقون يسارعون إلى النمو والتقدم في العمر في أقرب وقت ممكن لكي يناضلوا من أجل وضع ومكانة أفضل في المجتمع.
بدأوا العمل في وقت مبكر وتطلعوا إلى الحصول على رخصة القيادة الخاصة بهم لأنهم بهذه الطريقة يحصلون على حريتهم واستقلالهم.
تلك الأوقات قد ولت.
تُظهر البيانات من بداية القرن الحادي والعشرين أن هذه المراحل من النضج لا تهم الشباب كثيرًا اليوم.
هم راضون عن مكانتهم في المجتمع وعن الإمتيازات التي يحصلون عليها والإهتمام الذي يحظون به. لذا، هم لا يرغبون في أن يحركوا ساكناً.
هم لا يحتاجون إلى رخصة قيادة لأن والديهم يقودانهم أينما يريدون.البحث عن وظيفة هو مجرد طريقة غير مجدية ليخرجوا من نطاق راحتهم.
لا يقتصر الأمر على أنهم لا يهتمون بشكل خاص بالنمو والتقدم بالعمر، ولكنهم يظهرون أيضًا مستوى عالٍ من الخوف من ترك مرحلة الطفولة وراء ظهرهم.
لماذا ينتظر الأشخاص بلوغ سن ال18 بفارغ الصبر؟
عبر تاريخ البشرية، غالبًا ما كان يتم تجاهل الأطفال وإهمالهم واستغلالهم.
بالتأكيد، هناك العديد من الأسباب التي تجعلنا نفرح لأن مكانتهم اليوم لم تعد تسمح للأكبر سناً بتعنيفهم واستغلالهم بلا رادع أو عقاب.
علاوة على ذلك، فقد ابتعدنا كثيرًا عن هذه النظرة للأطفال بحيث أصبح يصعب علينا فهم أنها كانت طبيعية في يوم من الأيام.
ومع ذلك، من الواضح أنه قد نشأ اختلال جديد في ميزان القوى الحالي بين الأجيال. وعلى الرغم من أنه لصالح الأطفال، فهو يخلق مشاكل مختلفة تمامًا، لم تكن موجودة حتى الآن.
من الآن فصاعداً، لم يعد التقدم بالعمر أمراً سهلاً ولا مثيراً للإهتمام.
هي عبارة عن عملية تتطلب التحلي بالمسؤولية والتخلي عن التبعية. تتجاوز مخاطر هذا التحول اليوم “المكافآت” التي يقدمها المجتمع لهم في المقابل.
ما يرونه أمامهم هو أسلوب حياة يتحركون فيه أبعد فأبعد عن المكانة المتميزة التي كانوا يحظون بها. من ناحية أخرى، فإن البقاء صغاراً ليس خيارًا طويل الأمد، ومن المرجح أن يوافق الشباب أكثر فأكثر على عبارة “إن حياتي غير مجدية”.
من خلال خلق بيئة مريحة وآمنة ومرضية بشكل مفرط للشباب، فإننا نبني في الواقع سجنًا يشعرون داخله بالوحدة وعدم الجدوى.
ولكن لا يجب القاء كامل اللوم على الإنترنت في جعل الأطفال تعساء، لأنه ليس إلا مخبأ لهم. هو مكان يهربون فيه من عملية النزول عن العرش الذي وضعناهم منذ الولادة عليه.