تربية عادات صحية
كنت جالسة في المنتزه حيث تركت بناتي يلعبن ويركض وكان على مقعد مجاور للمقعد الذي أجلس عليه سيدتان.. لم تتركا أحداً من لسانيهما.. كانت أصواتهما العالية تصل إلى أذني مع أني لم أكن في مراء لسماع أحاديثهما السامة .. حاولت تجاهل ما يقولانه.. ولكن قلبي انتفض عندما سمعتهما ينتقدان فتاة صغيرة ويصفانها بالبرميل .. دعوت ربي ألا تسمع تلك الفتاة التي لا أعرفها حتى ، كلماتهما السامة .. انظري إلى تلك البقرة.. لا بل قولي “برميلاً”.. هكذا كانا ينعتان الطفلة التي بدت لي لسبب ما منهزمة وسط الأطفال الذين يلعبون قربها..
تساءلت في هذه اللحظة لماذا نحن البشر على هذه القسوة حتى مع الأطفال الصغار الذين لا حول ولا قوة لهم.. ولكم تمنيت لو أتوجه إلى أم هذه الفتاة لأشرح لها كيف تربي عند ابنتها عادات صحية تقيها من الوزن الزائد الذي سيتخذه الناس صغاراً وكباراً وسيلة لتحطيم قلبها الصغير وبراءتها المطلقة.
لماذا علينا تربية عادات صحية عند بناتنا وكيف؟
هناك عادات صحّية أخرى ينبغي أن تغرسيها في ابنتك. ويشمل هذا كلّ ما يعزّز صحّتها الجسدية والعقلية، مثل الأكل الصحّي والرياضة. يمكن أن تشكّل هذه العادات الصحيّة تغييراً صغيراً في ما تعلّمينها إيّاه أصلاً، أو تشكّل تغييراً كبيراً. لكنّ ابنتك ستستفيد من كل ذلك، خصوصاً إذا طبّقتِ ما تقولينه وتقدّمينه لها. إذا اكتسبت عادة النشاط والحركة الآن، ستتبعها طوال السنين التالية.
الأكل الصحّي
الأكل الصحّي عادة حميدة يُستحسن أن تكتسبها ابنتك الصغيرة. افحصي الأطعمة التي تقدّمينها لها بدقّة.
فكّري في الوجبات التي تقدّمينها لها كحجارة بناء الجسم. لا يمكن لجسمها أن يكون قويّاً ومقاوماً للجراثيم إلاّ إذا كانت مواد البناء التي توفّرينها لها ذات نوعية عالية.
ستساعدك هذه التوجيهات الغذائية الأساسية على أن تبدأي بعملية التغيير. فكّري في ما تأكله ابنتك آخذةً هذه التوجيهات بعين الاعتبار.
إليك في ما يلي التوجيهات العامّة الأساسية:
الفاكهة الطازجة أساسية، أحرصي على تعريف ابنتك دائماً على خيارات جديدة إلى جانب الفاكهة المفضّلة لديها التي تأكلها بشهية.
طبعاً، ينبغي أن تكون الخضار الطازجة جزءاً من طعامها أيضاً. دعيها تختار ما تريده من خضار تضيفينها إلى السلطة التي تتناولها مع العشاء.
الخبز المحضّر من الحبوب الكاملة ضروري ولكن ليس من الضروري أن يكون مملاً. نوّعي حجم وشكل أنواع الخبز وحتّى حجم الحصص. فعلى سبيل المثال، ستجد ابنتك الصغيرة بلا ريب أن الفطائر المحضّرة من القمح الكامل والمصنوعة على شكل أرنب أفضل مذاقاً من الفطائر العادية.
هنا أيضاً، يمكنك الإفادة من ميل ابنتك لتقليدك أنت وزوجك. فإذا كنتما تتبّعان نظاماً غذائياً صحّياً، ستحذو ابنتكما حذوكما. لذا حوّلي رحلة شراء الحاجيات الغذائية إلى لعبة. اجعليها تشترك في اختيار الوجبة وشراء الحاجيات اللازمة لها وتحضير الطعام. يحب الأطفال جدّاً أن ندعوهم للقيام بشيء ما؛ ويقاومون عادةً أي أمر يُصدر لهم.
عندما تصبح ابنتك بسن يسمح بذلك، إدعيها لتساعدك في التخطيط لتحضير الوجبات. يمكنك إعطاء ابنتك قائمة حاجيات قصيرة خاصّة بها (استخدمي الصورة إن لم تكن تستطيع القراءة بعد)، وساعديها على التبضّع. حتّى الأطفال في سن الثانية أو الثالثة يمكنهم غسل الخسّة، وضع شرائح الجبن على خبز الهمبرغر وترتيب المائدة. هناك احتمال أكبر أن تأكل ابنتك شيئاً ساعدت في تحضيره. اجعليها تعرف بسنّ مبكرة ما هو المفيد بالنسبة لها وما هو الضارّ.
غالباً ما لا يتوافق الأطفال الصغار وأهلهم بشأن الأكل. يميل الأهل إلى فكرة تناول ثلاث وجبات في اليوم. يريدون أن يأكل أولادهم طعاماً صحّياً، أن يأكلوا ما في طبقهم من دون أن يتذمّروا، وان يكونوا متعاونين في ما يتعلّق بالوجبات الخفيفة وغيرها من الخيارات الغذائية.
الأكل هو في الواقع أبسط بكثير ممّا يعتبره معظم الأهل: على المرء أن يأكل عندما يشعر بالجوع ويتوقّف عندما يشبع. عندما يجبر الأهل الأطفال على الأكل، يعاقبونهم لرفضهم أطعمة معيّنة، يقدّمون لهم وجبات خفيفة حلوة، أو يطهون وجبات الطعام وفقاً للطلب، فإنهم يؤثّرون عادة بشكل سلبي في عملية الأكل الطبيعية.
معلومة ضرورية
إن وظيفتك كأم (أو أب) هي أن توفّري الطعام الصحّي لابنتك؛ ووظيفة ابنتك هي أن تأكل. لا يؤدّي القليل من الطعام غير
الصحّي إلى الإضرار بها بشكل دائم (لا تريدين مثلاً أن تأخذي منها سكاكر العيد)، ولكن عليك الحدّ من كمية الحلويات الدسمة المتاحة لها. يمكنك بدلاً من ذلك أن تقدّمي لها الفاكهة والخضار والحليب ومشتقاته وغيرها من الوجبات الخفيفة المقبولة.
أنت تقلقين طبعاً بشأن الطعام الذي تأكله ابنتك لأنك تريدينها أن تكون بصحّة جيّدة. قد تسترخين بعض الشيء إذا علمت أن الأطفال يأكلون عادةً ما يحتاجون إليه مع الوقت. بكلام آخر، قد لا تتناول ابنتك طعاماً من كافة المجموعات الغذائية كل يوم، وقد ترغب حتّى في العيش على المعكرونة لعدة أيام. ولكن إذا كانت ابنتك نشيطة وبصحّة جيدة فإنها ستختار عادة أن تأكل ما تحتاج إليه ـ في نهاية الأمر.
يمكن أن يشكّل الأكل على نحو صحّي تجربة مسليّة للأطفال. ضعا معاً لائحة بالأطعمة المفيدة والصقيها حيث يمكن للأسرة كلّها أن تراها. يمكنك عندئذٍ أن تُخرجا من الثلاجة أنت وابنتك مكوّنات الوجبات الخفيفة وحشوات السندويشات التي اشتريتماها معاً وتحضّرا وجبات غداء صحيّة للمدرسة. ستضحكان معاً حين تكتشف أنك تحاولين تهريب بعض بسكويت «أوريو» إلى الخزانة. وقد تقول «ليس على اللائحة»، وهي تشير إلى الورقة الملصقة التي تحمل القائمة التي وضعتماها معاً.
«لا بأس بالبسكويت مرّة واحدة في الأسبوع»، تقولين لها ذلك لأنه صحيح. حتّى البيت الأكثر تعلّقاً بالمبادئ الصحيّة يجب أن يسمح ببعض الحلوى بين الحين والآخر. إن هذا «الأخذ والعطاء» الودّي بينك وبين ابنتك هو ما سيجعلها راضية بعادات الأكل التي تتبعها.