قواعد وعواقب:
الأسرة أشبه بمصنع. ولكن المصنع يعطي منتجات لا حياة لها، في حين أن الأسرة تولّد منتجات حيّة: الأولاد. في كلا الحالتين، يتطلّب الأمر وضع قواعد. قد تكون كثيرة أو قليلة، مكتوبة أو مفهومة ضمناً، ولكن كلّما تفاعلت مجموعة من الناس في ما بينها، على النظام أن يسودها. وإلّا فلا يمكن القيام بأي شيء وتنجم عن الوضع فوضى عارمة. تحتاجين أنت، كأم (أو أب) لفتاة صغيرة، إلى بضعة قواعد تجعل أيامك وأيامها تمرّ بسلاسة. وإلى جانب القواعد، يجب أن تكون هناك عواقب لأنّه، مهما تكن الفتاة الصغيرة حسنة السلوك ومؤدّبة، فقد تخطئ أحياناً.
أساليب التربية
في ما مضى، كان «الانضباط» و«التأديب» من الأولويات. وقد أدى ذلك إلى سلوك صارم مفروض على الطفل وإلى اضطلاع الأهل أو المربّي بدور الشخص القاسي الذي يفرض المهام ويعمل على أن يتقيّد الطفل بالسلوك المفروض عليه دونما توقّف أو كلل. كان الأولاد يُعاملون كجنود صغار يجب أن يُدرّبوا بدقّة وإحكام ونظام عسكري.
الرقيب المسؤول عن التدريب
في الماضي، كان الأهل يلعبون دور الرقيب المسؤول عن التدريب فيضربون أولادهم أو يعاقبونهم بطرق أخرى. وكانت كلمات مثل «الخوف» و«العقوبات» رائجة في دوائر تربية الأطفال. وفي ذلك الزمان، لم يكن سلوك الأطفال مفهوماً إلاّ بشكل محدود جداً، فقد كان الأطفال يُعتبرون كأشخاص بالغين مصغّرين يحتاجون إلى ضربهم بالسياط ليصطلحوا. وقد ساء الوضع بشكل رهيب خلال العديد من الممارسات «التربوية» وتمّ تأديب الكثير جداً من الأولاد على نحو قاس وعنيف. لكنّ النظريات حول تربية الأطفال تغيّرت بشكل هائل خلال العقود الماضية ـ لحسن الحظ!
وقائع
كان الطبيب النفسي والمربّي النمساوي رودولف درايكرز (1897 ـ 1972) أحد روّاد دراسة السلوكيات التربوية وقد انتقل إلى الولايات المتحدة حيث واصل عمله الطليعي. واكتشف درايكرز أن تصرّفات الأولاد مبنية على حاجاتهم إلى السلطة والاهتمام والثأر وتفادي الفشل.
وهكذا، أصبح العديد من الناس في أيامنا الحاضرة يفضّلون استخدام عبارة «تدبير أو إدارة الأطفال». وهذه طريقة في تربية الأطفال تقوم على العلم الذي تدعمه الممارسة العملية ويلطّفه الحب.
الحب مهم
الحب مهمّ جدّاً في تربية ابنتك. ولكن عند تطبيق الحب على طفل صغير ـ شخص يافع هو في سياق النمو ليصبح الشخص الذي يمكن أن يكون ـ فإنّه يفتقر إلى الهيكلية والاتجاه. الحب بحد نفسه انفعال أو عاطفة ليست مرفقة بخارطة طريق. مثال واحد على ما نقول: بعض الأهل يغرقون أولادهم تحت تلال من الألعاب، في حين أن بعضهم الآخر يحرمونهم من كل ما هو غير أساسي وينتقدونهم بقسوة. على أنهم جميعاً يقومون بذلك باسم الحب. في كلا الحالين، قد يضلّ الطفل ولا يحقّق إمكاناته الضخمة لأن الأهل لم يفكّروا كثيراً في تربيته.
والحقيقة هي أن الدلال الفائق والعقاب الفظيع يضرّان كلاهما بابنتك. وليس بالتالي عمق حب الأهل لأولادهم أساس الخطأ ولكنّ الحب الخالي من العزم والثبات يمكن أن يعيق نموّ ابنتك بالشكل الصحيح.