الرفض المستمر:
يولد الطفل ثائراً. يولد وهو يعبر عن الرفض بأسلوبه الخاص.. عبر البكاء. حتى عندما يتكلم تسبق كلمة “لا” كلمة “نعم”. إلى أن يقولبه أسلوب التربية الذي يتبعه والداه ومن ثم المجتمع.
معظم الآباء والأمهات يعتبرون أن عليهم “كسر عناد” أطفالهم كي يتوقفوا عن التمرد وإثارة الفوضى. البعض يلجأ إلى أساليب العقاب المختلفة والبعض الآخر يصل إلى التعنيف. وتتحول التربية من عملية بناء شخص ناجح اجتماعياً وسليم نفسياً، إلى عملية تحدٍ على فرض السلطة والسيطرة على الطفل.
كثير منا يقع في هذا الفخ. هناك خيط رفيع بين التربية والقمع غالباً ما تسيطر عليه ال”أنا”. فغرور الأب أو الأم وكبرياؤهما يمنعهم من الرضوخ لرأي الطفل أو التنازل. وهنا تكمن المشكلة.
لكن دعوني أخبركم عن مدى تأثير القمع على أطفالكم أو محاولة “كسر عنادهم”، وعن بديل أكثر فعالية.
لِمَ ليس علينا قمع أطفالنا أو محاولة “كسر عنادهم” بأساليب قاسية؟
- يمر جميع الأطفال بمرحلة الرفض أو مرحلة ال”لا”. هي مرحلة طبيعية في نمو الطفل وتطوير مهاراته، لا يقصد فيها طفلنا معاندتنا أو تحدينا، بل يحاول التعبير عن نفسه وإثبات ذاته. عبر منعه بأسلوبٍ قاسٍ، نحن نعلمه أن قول لا هو عيبٌ أو خطأ. وأنه لا يحق له التعبير عن مشاعره وأفكاره.
- نحن بهذه الطريقة نخبره أن عليه الالتزام بالقواعد دون مناقشتها سواء كان راضياً ومقتنعاً بها أو لا. مما يعني أنه سيصبح شخصاً راضخاً في المستقبل، لا رأي له ولا شخصية.
- قول لا هو سيلة للدفاع عن رأينا أو عن أنفسنا أحياناً. إن منع طفلنا من الاعتراض أو التعبير عن رفضه، يؤدي إلى جعله طريدة سهلة للأشخاص الذين يتلاعبون بأفكار ومشاعر الناس، أو أولئك الذين يتنمرون ويستضعفون الآخرين.
- قمع طفلكِ أو ابنتكِ بالتحديد، يجعل شخصيتها ضعيفة، ويجعلها تستسلم بسهولة لمَن هم أقوى منها. يمكنكِ أن تتخيلي مدى المشاكل التي قد تتعرض لها من تحرش وابتزاز، وكيف ستكون ردة فعلها في مواقف مماثلة.
هناك أساليب أخرى لتغيير رأي الطفل دون قمعه: - التحدث والمناقشة: أول هذه الأساليب وأهمها التحدث والمناقشة إذا كان في سنٍ يسمح بذلك. فهي طريقة تساهم في تنمية شخصية الطفل وفي تحسين قدرات التواصل لديه، وتبني علاقة قوية بين الأهل وأطفالهم. ويمكن استخدام حجج وبراهين وفق عمر الطفل لإقناعه بالتراجع عن رأيه إن كان خاطئاً.
- اللعب أو استخدام أغنية: إن كان طفلكِ يصر على رفض تناول الطعام مثلاً أو رفض ارتداء ملابسه، يمكنكِ استخدام الأغاني التي تشجع الطفل على تناول الطعام، أو تتضمن مراحل ارتداء الملابس. كما يمكنكِ وضع صور الأطعمة الصحية على نرد (زهر)، وجعله يرميه ويختار الطعام الذي يريده.
- إيهامه بأنه صاحب القرار عبر جعله يختار: إذا كان طفلكِ يرفض بشكلٍ صارم، يمكنكِ تفادي ذلك من الأساس، عبر طريقة طرح الطلب والتحدث معه بأسلوب إيجابي مرن. وأبرز هذه الطرق إعطاء الخيارات. فبدلاً من القول “عليك تناول طعام صحي”.. اسأليه “أي نوع خضار تفضل أن تتناول اليوم، الجزر أو البروكلي؟”.
- تشتيت الانتباه: إن كان طفلكِ صغيراً في السن ولم يمتلك مهارة التعبير بالكلام بعد، وأصر على رفض أمرٍ ما، سأخبرك أمراً، صدقيني المعاندة ستكون أسوأ اسلوب في هذه المرحلة. وسيزداد عناده وتزداد نوبة البكاء والصراخ لديه. أفضل طريقة في هذه الحال هي تشتيت انتباهه ثم معاودة المحاولة من جديد.
سماح خليفه