تكرار السلوك السيء
السبب الأول للسلوكيات الإشكاليّة – “حاجة لم تتم تلبيتها”
للأولاد حاجات جسديّة ومادية وحاجات عاطفيّة وحاجات تعلّق واستقلاليّة، وحاجات فكريّة وحتى حاجات روحانيّة!
يجد دماغ الطفل نفسه في حالة ضغط نفسي وتوتّر عندما لا تُلبّى حاجة ما.يمكن للولد مثلاً أن يصبح نكداً ونزقاً وأن يعارض كل شيء…
وبما أننا لا نفهم ردود أفعاله، نشعر بالغضب ونبدأ بالصراخ! وبعد بضعة أيام نكتشف أنه يعاني من الانفلونزا… غالباً ما يكون هناك سبب جسديّ خلف سلوكيات أو تصرفات أولادنا “المزعجة”.
وللولد أيضاً حاجات تعلّق وارتباط، واستقلال وحريّة وإرادة حرّة… وما إن نعطيه أمراً حتى يفقد إرادته الحرّة ويخضع عقله لضغط نفسي ويتوتر.
لذا، وبدلاً من أن نعطيه الأوامر، يمكننا أن نطرح عليه أسئلة لنجعله يفكّر: “أنظر إلى الخارج، هل الطقس جميل أم أنها تُمطر برأيك؟ إذن، وبرأيك ما هو الحذاء الذي ستنتعله؟”
في هذه الحالة، سيسرّ الطفل بشكل عام حتى وإن كان صغيراً جداً في السن، أن يقول: “إنها تمطر! سأنتعل الحذاء العالي الساقين!”… لأنه هو من اختار!
عندما يبدو الولد متوتراً ونرى أنه “يتجاوز الحدّ”، فلنبحث عن الحاجة التي يخفيها خلف سلوكه هذا: هل هو جائع؟ هل هو عطش؟ هل هو متعب؟ هل يعاني من مشكلة صحيّة؟ هل ركض بما يكفي؟ هل خزانه العاطفي ممتلئ؟ هل أترك له إمكانية أن يمارس إرادته الحرّة وحاجته للاستقلاليّة؟ هل يشعر بالملل؟
لننظر إلى هذا السلوك على أنه انعكاس لتوتره بدلاً من أن نعاقبه ونطلب منه تعديل سلوكه على الفور، ولنساعده على أن يهدأ عبر تلبية حاجته.
عندما يفيض الحليب، لا أحاول احتواءه عبر وضع الغطاء على القدر بل أبحث عن طريقة لأخفف النار تحته… وتخفيف النار هو تحديد الحاجة أو الحاجات الموجودة.
السبب الثاني للسلوكيات الإشكاليّة- مشكلة أو قلق في القلب
عندما يخفي الولد قلقاً أو مشكلة ما في قلبه، يفقد استعداده للتعلّم، ويصبح غير مستعد للتعاون، ما يعني أنه سيلتجئ إلى داخل ذاته أيّ سينطوي على نفسه ويمكن أن يصبح عدائياً أو متهرّباً وحساساً: إنه يتعرّض لضغط نفسيّ.
في هذه الحالة، يمكننا أن نساعده عبر تخصيص بعض الوقت له وطرح بعض الأسئلة عليه: “ما رأيك بهذا؟” “ما الذي يخطر في عقلك الآن؟” “ما الذي تشعر به في قلبك؟” “ما الذي تودّ القيام به في هذه اللحظة؟” “ما الذي تحتاجه؟” “ما الذي يخيفك أكثر؟” “ما الذي يؤلمك أكثر؟” “ما الذي ترغب في فعله؟”
والهدف ههنا هو أن نستمع إليه من دون أن نتدخّل، من دون أن نقلل من أهمية كلامه ومن دون أن نفسّر أو نؤوّل.نحن نسأله لنساعده على أن يُخرج مشاعره ويظهرها وليفهم العقدة التي شكّلها في ذهنه.
من ناحية أخرى، علينا أن نتجنّب سؤاله “لماذا؟”! فمثل هذا السؤال أيّ “لماذا؟” سيولّد أفكاراً من نوع:
“ما الذي تريده أمي؟” “ما الذي يريده أبي؟ ماذا يريد مني أن أقول؟”
… يختلق الأولاد بشكل عام شيئاً ما من أجلنا لإرضائنا.
عندما يهدأ الطفل لأنه استطاع أن يعبّر عن انفعالاته ومشاعره بالكلام، يمكننا أن نساعده على أن يضع ثلاثة حلول على الأقل لمشكلته من دون أن نحاول حلّها بدلاً منه:
“ما هي الحلول التي يمكن أن تخطر لك؟” “ما الذي يمكن أن تفعله في هذه الحالة؟”
يمكننا بعدئذ أن ندعوه لاختيار الحل الذي يرغب في أن يبدأ به وأن نسأله إذا اقتضت الحاجة: “ما الذي تحتاجه كي تنفّذ هذا الحل؟”
في بعض الأحيان، يحتاج الطفل إلى التدريب، إلى التمرّن أو إلى مجرد عناق كبير كي يتحلّى بالشجاعة الكافية ليتصرّف.