معانة مع الأطفال: أرى بشكل منتظم في مجموعات الفيسبوك، أو حتى في اجتماعات المؤسسات التي تعنى بتقديم معلومات للأمهات حول الرضاعة وكيفية الإعتناء بأطفالهن، أمهات يقال لهن إنهن منحن عادات سيئة لأطفالهن عبر الاعتناء المفرط بهم، لدرجة أنهن أصبح لديهن شك بأنفسهن.
بشكل عام، تسير البدايات بشكل جيد: الأم سعيدة، والطفل سعيد. ثم يأتي موعد اللقاء الأول مع طبيب الأطفال، أو أيضاً موعد زيارة الأقرباء الذين لا يتصرفون بلطف في طريقة توصيل وجهات نظرهم التربوية. هنا يصبح على الأمهات مواجهة العبارات الشهيرة: “ماذا تقولين، هل ما زال طفلكِ يريد أن يرضع؟ يجب أن تجعليه ينتظر 3 ساعات!”. “ماذا تقولين؟ يأخذ ثديك دون أن يرضع؟ أنتِ لستً لهاية، ليس عليكِ أن تتركيه يقوم بذلك وإلا ستتعبين!”. “ماذا تقولين؟ طفلكِ لا ينام في سريره/ طفلكِ لا ينام بمفرده/ طفلكِ لا ينام طوال الليل! يجب أن يتعلم النوم بمفرده حتماً، يجب أن تتركيه يبكي!”. “ماذا تقولين؟ هل ما زلتِ تحملينه؟ يجب أن تتركيه في مكانه، ستفسدينه بدلالك”. وما إلى ذلك. وبينما كن يتعايشن بشكل جيد مع وضعهن برفقة طفلهن، فهذه الملاحظات التي تصدر عن الخارج تؤثر بهن، ولا يعدن يعرفن ما عليهن فعله. سيحاول بعضهن تطبيق هذه “النصائح”، وقضاء أيام مروعة وهن يجعلن طفلهن، الذي يبكي لأنه جائع، يبكي لأنه يريد أن يرضع إلا أن موعد الرضاعة لم يحن بعد، أو يريد أيضاً أن تحتضنه أمه بين ذراعيها…
أريد أن أقول لكل أم من هؤلاء الأمهات: لا تستمعي إلا إلى نفسكِ وإلى طفلك. إبقي واثقة بنفسك وفي قدرتك على الاعتناء بطفلك. غريزة الأمومة قوية جداً! حتى أن بعض النساء يشعرن بطفرة في الحليب حين يبكي طفلهن، وهذا يختصر كل شيء! الطبيعة البشرية مكونة بشكل مثالي!
كما يقول الدكتور ويليام سيرز بوضوح:
“بكاء الطفل يولد لدى الأم عاطفة تدفعها إلى الاعتناء به، مما يعني أن الأم لم تُخلق كي تترك طفلها يبكي، تماماً كما أن الطفل لم يولد كي يتم تركه وهو يبكي”.
وليام سيزر، الأمومة تستمر في الليل أيضاً
إذا كان قلبكِ وعقلكِ وروحكِ تقول لكِ بأن عليكِ أن تحملي طفلكِ بين ذراعيكِ، وأن تهزيه وترضعيه وتضعيه في سريره، قومي بذلك! إذا كان طفلكِ يحاول أن يعبر لكِ أنه بحاجة إلى أن تقومي بذلك، إذاً ما الداعي للامتناع عن الاستجابة له؟ ما الذي يجب أن يمنعك من فعل ما يبدو جيداً لطفلك؟ إنكِ “تجازفين” بجعله يعتاد الأمر بالطبع. لكن هل من السيء أن نحب ما يجعلنا نشعر بالسعادة؟ أين الضرر بالتحديد؟ ما الخطر الذي يتعرض له الطفل في هذه الحالة؟ منح الكثير من الحب؟ الأشخاص الذين ينصحونك (أو حتى يحذرونكِ!) بوضع مسافة بينك وبين طفلك بأي ثمن، يؤذونكما كلاكما. الطفل سيعاني، والأم ستعاني! حل فاشل يخسر فيه الجميع بامتياز! ما الفائدة من اتباع هذه النصائح؟
أعدكِ، ذات يوم سينام طفلكِ بمفرده، وسيغفو طيلة الليل في السرير بمفرده، سيتوقف عن الرضاعة، وسيتوقف عن طلب أن تحمليه بين ذراعيك. حتى أنه ذات يوم سيطلب منكِ أن تطرقي على الباب قبل الدخول إلى غرفته، وسيطلب منكِ ان تودعيه قبل الوصول إلى بوابة المدرسة. وذات يوم، ربما أنتِ مَن ستشتكين لأنه لن يتصل بكِ بشكل كافٍ أو لأنه لن يزوركِ عندما تتمنبن حضوره. ستتذكرين بحنين الوقت الذي كان يعتمد فيه عليكِ كثيراً، وكل تلك اللحظات المليئة بالحب.لأن هذا ما يُسمى: التعبير عن الحب!