التحفيز في المراهقة
لا يخفى على أحد أنّ المراهقين يسعون غالباً وراء لذة فوريّة وزائلة. وهم يفضّلون المدى القصير ولا يأبهون للمدى المتوسط والطويل، ما من شأنه أن يسبب حكماً بعض المشاكل على مستوى التحفيز.
كما يمكن للمراهق أن يخالط بعض رفاق السوء، وأن يتعرّض للاستهزاء والتحقير في محيطه الاجتماعي وأن يعاني من خيبة أمل عاطفيّة…
يمكن للأسباب الخارجيّة أن تكون متعددة ومتنوعة إلا أنها عابرة بشكل عام.
وبما أنّ درهم وقاية خير من قنطار علاج، اطرحوا عليه الأسئلة، أصغوا إليه وراقبوه… قد يحتاج المراهق إلى المساعدة كي يعيد تقويم الأمور وينظر إليها من منظار صحيح.
إذا كان ابنكم المراهق يمرّ بتجربة صعبة ويفتقر إلى الحافز، فحاولوا أن تجدوا معاً النواحي الايجابية للوضع. أظهروا له أنكم متفهمون من دون أن تبالغوا في التدخّل أو أن تلعبوا دور الطبيب النفسيّ، وتحدّثوا إليه بطريقة ذكيّة.
لكن الأسباب الأكثر شيوعاً غالباً ما تكون داخليّة.
لعل سلبيته ناتجة عن شخصيّته فثمة مراهقين أكثر “كسلاً واهمالاً” من سواهم أو لعله ضحيّة خيبات أمل فمن المعروف أنّ المراهقين يميلون إلى المبالغة في ردود أفعالهم. يمكن للخلافات في المنزل أو في المدرسة أن تكون مصدر غياب الطاقة هذا.
مساعدة المراهق على تجاوز مخاوفه
إنّ الأسباب الأكثر شيوعاً التي تحول دون إقدام المراهق على العمل هي الخوف من نظرة الآخرين ورأيهم أو الخوف من الفشل.
مساعدة المراهق على أن يتجاوز مخاوفه هي بالتأكيد أجمل هديّة يمكن أن نقدّمها له. ويسمح لكم هذا ببناء علاقة ثقة معه وبزيادة ارتياحه.
السرّ لتحفيز أيّ مراهق هو أن تجعلوه يكسب شيئاً يثير اهتمامه ويمكن أن ينفعه. في كل مرة تقدّمون له فيها اقتراحاً، ضعوا أنفسكم في مكانه واسألوا أنفسكم: كيف يمكن لهذا أن يثير اهتمامه؟
تعلّموا تحسين التواصل مع المراهق
التواصل الصريح، وكما هو الحال دوماً، هو الخطوة الأولى عندما نريد أن نساعد ابننا المراهق. اصغوا إليه: فهو يحتاج لأن تفهموه. لا تتظاهروا بأنكم مهتمون بما يقوله بل أصغوا إليه فعلياً!
ولعل الأهم هو ألا تطلقوا الأحكام بشأن ما يخبركم به، وألا تنتقدوه وألا تلقوا عليه محاضرة غير مجديّة في الأخلاق فقد ترونه عندها يبتعد عنكم.
يجب أن توجدوا تبادلاً بناءً حيث تظهرون تفهّمكم وتعاطفكم بشكل واضح. بهذه الطريقة، ستساعدونه على تجاوز المعتقدات التي تقيّده، وعلى بناء ثقته بنفسه وتحولون دون تراجع احترامه لذاته وفقدانه للحافز.
إنّ حماية احترام الذات لدى المراهق أمر مهم جداً أيضاً، لأن عدم الثقة في النفس أو قلة الثقة بالنفس يمكن أن تؤدي إلى غياب الحافز.
أعلموه أنه قيّم وأنكم فخورون به وأنكم تثقون به: إنّ تقديركم هو أجمل هدية يمكن أن تقدموها له!
لهذا، لا تتحوّلوا إلى رشاش من اللوم والانتقاد: لا تنتقدوه باستمرار بل قدّروا أيضاً الأعمال التي يقوم بها بشكل حسن. يبدو هذا منطقياً إلا أنّ الكثير من الأهل لا يفعلونه. وإن كنتم من ضمن الأهل الذين ينسون إظهار تقديرهم لأفعال ولدهم المراهق فقد حان الوقت كي تغيّروا أسلوبكم!
ستلاحظون النتائج على الفور: سيبادلكم المراهق الثقة التي تمنحونه إياها ويصبح أكثر استعداداً لأن يتناقش معكم. ومما لا شك فيه أنّ تقدير الأهل يترافق مع دفعة هائلة من الطاقة والحافز!
غالباً ما ترتبط المراهقة بالكسل والطيش والاهمال. يمكن أن نختلف في الرأي حيال هذا الكلام النمطي، لكن… لا نستطيع أن ننكر وجود هذه الحقيقة!
يعيش المراهقون كلهم وفي أوقات معيّنة “حالة من الارتخاء”، تظهر إما على شكل غياب الحافز في ما خصّ التعلّم وإما على شكل انعدام الطاقة للشؤون اليوميّة.
وهذه الظاهرة طبيعيّة تماماً، فالمراهقة ليست بمرحلة يسهل عيشها ولا داعي للقلق أكثر مما يلزم بشأنها.
لكن ينبغي أن نحذر لئلا يستمر غياب الحافز هذا على المدى الطويل، ويترك أثراً سلبياً على حياته الشخصيّة وعلى حياة العائلة. إذا كان الوضع على هذا الحال فيعود لكم أنتم الأهل أن تتدخلوا.
ساعدوا ولدكم على ايجاد اهتمامات وهوايات
إنّ الهوايات ضروريّة لضمان التفتّح الشخصيّ لأيّ واحد منا، ولاسيما المراهقين. ولا داعي للذعر إن لم يكن لدى ولدكم المراهق أيّ هواية: يمكنكم أن تساعدوه على ايجاد هواية معيّنة.
ساعدوه كي يجد نشاطات تثير اهتمامه فعلياً، نشاطات يجيدها وتمنحه خاصة حافزاً قوياً. يظن بعض الأهل أنّ ولدهم المراهق لا يهتم بأيّ شيء أو أيّ نشاط إلا أنّ هذا الاعتقاد خاطئ وقد آن الأوان لكسر هذا الحكم المسبق: نحن لسنا مضطرين لأن نشعر فوراً بالشغف ما إن نبدأ بممارسة النشاط لأول مرة. فالشغف الحقيقي ينمو غالباً بعد مرور بعض الوقت، بعد أن نعرف الموضوع أو النشاط بشكل أفضل وبالتفصيل.
يسمح ايجاد هواية بأن ينتقل المراهق إلى العمل، وأن يحدد أهدافاً واضحة، وأن يكسب حافزاً قوياً. يمكن لهذا الحافز أن ينتقل لاحقاً إلى مجالات أخرى.
لتحفيز ولدكم المراهق، كونوا قوّة محفّزة
ثمة طريقة أخرى لتحفيز ولدكم المراهق وهي أن تجدوا مفتاحه أيّ أن تجدوا الأشياء التي تثير اهتمامه وتحفّزه.
إن كنتم تجدون صعوبة في جعله يشارك في الأعمال المنزليّة على سبيل المثال، قولوا له إنكم ستتركونه وشأنه بعد انتهائه وإنكم ستسمحون له بالخروج مع أصدقائه.
المسألة سهلة للغاية فإظهار الفوائد يمكن أن يكون المفتاح للانتقال إلى العمل. وسيكسب من هذا درساً في الحياة: النجاح يتطلب بذل الجهود….
تحفيز المراهق هو أخذ حاجاته بعين الاعتبار
غياب الحافز
يمكن لغياب الحافز الذي يطال بعض المراهقين أن يتسبب بمشكلة في التوقيت والتزامن مع الأهل. لعل رغبات الأهل تختلف عن رغبات المراهق: فهم يرغبون في أن يتمتعوا بالسلطة عليه فيما هو يسعى إلى الاستقلالية والاعتماد على الذات.
إن كان الأمر كذلك فمن واجب الأهل أن يصوّبوا المسار.
لا تبالغوا في القسوة عليه ولا تترددوا في خفض سقف توقعاتكم ومتطلباتكم إذا ما دعت الحاجة. تجنبوا الضغط عليه فمن شأن هذا أن يزيد من الضغط النفسي الذي يعيشه وأن يؤدي إلى افتقاره إلى الحافز، تماماً كما تؤدي زيادة الأعباء إلى الإرهاق والإحباط.
احرصوا على أن تطلبوا منه أشياء قابلة للتحقيق وتندرج ضمن قدراته.
يمكن لغياب الحافز أن ينجم لسوء الحظ عن الإدمان على الشاشات. إن كان ولدكم يقضي الكثير من وقته على ألعاب الفيديو مثلاً فلن يكون لديه رغبة كافية لمواجهة الحياة الواقعيّة.
لكن لا داعي للهلع: هذا الأمر عرضيّ وسيدرك في أيّ لحظة أنّ هذا كله لن يفضي إلى أيّ شيء. يمكنكم من ناحية أخرى أن تحدّوا الوقت الذي يقضيه أمام الشاشات عبر تحديد مواعيد وأوقات يمكنه خلالها أن يستخدم الانترنت.
استخدموا الفكاهة لتحفيز ولدكم المراهق
النصيحة الأخيرة هي اللجوء إلى الفكاهة. فالمراهقون حساسون جداً على هذه المسألة ويتأثرون بالفكاهة والمزاح أكثر من الخطابات الطويلة أو دروس الأخلاق.
احرصوا على أن تحافظوا على الاحترام بينكم وعلى ألا تهينوه، وإلا ستزيدون الطين بلّة. شغّلوا خيالكم وكونوا مبدعين كي تُضحكوا ولدكم المراهق: فهذا أفضل حلّ!