غالباً ما يعرف الأولاد الصغار أنّ تصرّفاً ما ممنوع إلا أنهم يقدمون عليه، فنموهم الحركي والإدراكي لا يسمح لهم دوماً باحترام الممنوع لأنهم عاجزون عن ذلك جسدياً و/أو لأنهم لم يطوّروا بعد خطاباً داخلياً كافياً ليستوعبوا القاعدة. إذن، يمكن للطفل الصغير أن يكون قادراً على أن يردد القاعدة أو الأمر الممنوع عن ظهر قلب لكنه لا يتمكّن من تطبيقه.
يسمح الحوار الداخلي للراشدين بأن يعالجوا المعلومات التي يتلقونها بسرعة نسبية وذلك خلافاً للأولاد الذين ستدخل النصائح والتوصيات والقواعد الموجّهة إليهم من أذن لتخرج من الأذن الأخرى. ويمكن تفسير هذا بأننا إذا تلفّظنا بالكلمات بسرعة وبكمية أكبر مما يمكن لعقولهم معالجته، فلن يسمع الأولاد حرفيّاً ما نقوله.
نفدم إليكم في هذه المقالة 3 اقتراحات كي يصغي إليكم الصغار، بعد أن قدمنا لكم اقتراحين في مقالة سابقة
إعطاء الطفل الوقت الكافي ليفهم التعليمات
يحتاج الأولاد إلى بعض الوقت إلى أن يعالجوا المعلومات. ومن الأفضل أن تتأكدوا من أنهم لم يسمعوا طلبكم وحسب بل فهموه أيضاً. يمكن لهذه الغاية أن تسألوا الطفل أن يكرر ما طلبتموه منه وأن يقول ما سيفعله لينجح في تنفيذه.
يمكن التوصّل إلى اتفاق: قد يحتاج الطفل الذي يلعب إلى بعض الوقت الإضافي كي ينهي اللعبة أو قصة خيّالية تجري. يمكننا أن نسأل الطفل كم من الوقت يحتاج بعد أو أن نتفق على أن يضع الألعاب في الصندوق عندما ينتهي من اللعب. ولضمان احترام هذا الاتفاق، يمكن وضع جهاز توقيت يرنّ عند انتهاء الوقت المحدد.
توقّعوا أن تضطروا إلى تكرار الأمر نفسه مرات عدة
يعيش الأطفال في اللحظة الراهنة وتأسرهم الأصوات التي يسمعونها والصور التي يرونها والروائح التي يتنشقونها. إنهم راسخون في الحاضر ويجدون صعوبة في التعامل مع أهداف مختلفة. وهذا يعني أنّ علينا أن نتوقّع أننا سنضطر لأن نكرر مرات عدة تعليماتنا وتوقّعاتنا وقواعدنا التي ندعوهم لاحترامها. ستكون هذه التعليمات أكثر فاعلية إذا ما كانت موجزة بما أن الأولاد لا يأبهون كثيراً بالكلمات التي نتلفّظ بها. وعلى الرغم من أنّ الكلمات ليست فعّالة في أغلب الأحيان إلا أنها تبقى مهمة كما أنّ القواعد المعلنة والمكررة تنطبع في دماغ الطفل.
من ناحية أخرى، يمكن للقاعدة التي تقال بطريقة ايجابيّة وشخصيّة أن تكون أكثر فاعليّة من المنع العام: “ممنوع الركض” تصبح “عليك أن تسير”، “الصراخ ممنوع” تصبح “يجب أن تهمس عندما تتواجد في هذا المكان.”
تقول كاثرين ديمونتيل-كريمر: “أن تتوقّعي ألا يصغي إليك طفلك أضمن وأسلم من أن تصرّي على أن يبقى في وضعيّة الانتباه وأن تفقدي أيّ أمل مع مرور الأيام.”
أظهروا الحزم الايجابي لتظهروا طابع الطلب المهم
إنّ لمس الطفل (بلطف) أو الاقتراب يالقدر الكافي منه كي يتمكّن من رؤيتكم سيزيد من إمكانية ان يصغي إلى طلبكم ويفهمه وينفّذه. بالتالي، يمكن وضع اليد على كف الطفل أو الإمساك بيده أو لفت انتباهه بصرياً لنتأكد من أنّ تركيزه أصبح معنا.
يتحدّث الراشد الحازم بصيغة المتكلّم “أنا”: ويستخدم عبارات مثل “أنا أريد”، “أنا أرغب”، “أنا أشعر”، “أنا أعتقد”، “أنا لا أريد” أو “أنا لا أرغب في”. يجب ألا نلجأ إلى الكذب على الأطفال لنتجنّب الأزمات، كأن نقول للطفل إنه لم يبقَ لدينا حلوى (في حين أنه تبقّى لدينا منها) لئلا يأكل منها بعد. علينا كأهل أن نكون قادرين على ان نقول الأشياء كما نراها من دون أن نخشى ردّ فعل الأطفال. نحن قادرون على استيعاب غضب وحزن الأطفال لأننا راشدون تحديداً. يجب أن نشعر بما يكفي من القوة والثقة لنقول لأطفالنا إننا لا نريد أن يتناولوا المزيد من الحلوى (وأن نعطيهم السبب إذا اقتضى الأمر).