تجاوز الحدود بالتربية: أنتم تفعلون المستحيل كي تلبّوا حاجات أولادكم الأساسيّة والضروريّة فضلاً عن تلك السطحيّة. أليس هذا ما ينبغي أن يفعله الأهل كلهم؟ لكن هل خطر لكم يوماً أن تطرحوا على أنفسكم السؤال التالي: “هل أبالغ أنا في ما أفعله؟”
إن كنتم من أولئك الأهل الذين يدركون أنهم يبالغون فعلاً في بعض الأحيان ولا يمكنهم أن يمتنعوا عن ذلك حتى لو أرادوا أن يفعلوا، فتحققوا مما إذا كانت مبالغتكم طبيعيّة.
إذا أجبتم بنعم على هذه الأسئلة، فحاولوا أن تسألوا أنفسكم إن كنتم فعلاً أهلاً جيدين أم أنكم تبالغون؟
1- هل تقومون بالأعمال الموكلة إلى أولادكم بدلاً منهم؟
لا بأس، سأرتّب أنا سريرك. عد إلى اللعب!
يُعتبر المنزل المكان الذي يتعلّم فيه الأولاد أكثر من سواه من الأمكنة، يتعلّمون من الوالدين ومن أمثلة كل يوم. لكن إن لم يوكل الأهل أيّ مهمة لأولادهم حتى عمر 8 أو 9 سنوات، فكيف يمكن لهم أن يتوقّعوا أن يصبح هؤلاء الأولاد جاهزين كي يتحوّلوا إلى أفراد فعالين في الأسرة بكل ما للكلمة من معنى.
لنقل إنّ المطبخ هو أفضل مكان لبدء التعلّم، فالولد في سن الرابعة يمكن (ويجب) أن يعرف كيف ينظّف شيئاً ما أو يقوم بمهام بسيطة.
لنأخذ على سبيل المثال: وضع الطبق المتسخ في الحوض، لبس الجوارب، ترتيب أحذيته، تقطيع الخبز في مرحلة لاحقة، إعداد الفطور وتنظيف البقايا، نشر الغسيل النظيف، استعمال المكنسة الكهربائيّة وترتيب غرفته.
وطالما أنكم تعتبرون الطفل صغيراً على مثل هذه الأعمال ولا تدعونه يساهم قدر استطاعته، فهل تعتقدون أنكم تفعلون بهذه الطريقة ما هو أفضل لولدكم ولعائلتكم؟
2- هل تكررون باستمرار الشيء نفسه، لأنكم تعرفون أفضل منه في نهاية الأمر؟
كم من مرة قلت لك أن تضع الغسيل الوسخ في السلّة؟
تدلل الأمهات في أيامنا هذه أولادهن ويبالغن في حمايتهم. وسيستمر الحال هكذا مع أولادكم، كما هو الحال معكم. لذا، دعوهم يتعلّمون بأنفسهم.
3- هل تتوقّعون منهم الكثير أو ما لا يكفي؟
الأهم ليس أن تشارك بل أن تفوز!
ثمة الكثير من الأهل اليوم الذين لا يتوقّعون الكثير من أولادهم لأنهم لا يريدون أن يُثقلوا كاهلهم بمسؤوليات هم قادرون عليها.
من ناحية أخرى، ثمة الكثير من الأهل الذين يتوقّعون الكثير من أولادهم ويريدون أن يرونهم يمارسون العشرات من النشاطات ويبرعون فيها كلها. ما من حلّ وسط بالنسبة إليهم، وهذا ليس بالأمر المفيد.
هذا لا يوصل رسالة جيدة إلى الأولاد ولا يعلّمهم ما ينبغي أن يعرفه كل طفل في سنّه وأن يكون قادراً على انجازه.
4- هل تظنون أنه من الأفضل أن نستبق أخطاءهم؟
لا، لا تفعل هذا! ستؤذي نفسك…
اتركوا الولد يرتكب الخطأ حتى وإن كنتم واثقين 100% من أنه سيفعل ذلك (أخطاء الطفولة ليست فادحة، فلا تقلقوا لأننا لا نتحدّث هنا عن القفز إلى هاوية ما بل عن أمور يوميّة عاديّة).
هذه أفضل مدرسة حتى وإن كرر الخطأ نفسه مرات عدة. أنتم تعلمون أننا نتعلّم من أخطائنا، وأن كل خطأ يمكن تصحيحه وأن الولد يجب أن يكتسب الخبرة والتجربة كي يكون مستعداً لأن يتقبّل أنّ هذا الدرب ليس لربما الأفضل.
الأطفال هم الأطفال وعلى الرغم من أن وجود طفل في المنزل أمر جميل جداً إلا أنه يكبر سريعاً. ووجود ولد في الثامنة عشرة من عمره لم يعتد أن يكون فرداً كاملاً في الأسرة والمنزل ليس بالأمر الرائع.