أهل صالحين:
هناك مفاهيم ورثناها عن أهلنا ومحيطنا الاجتماعي موجودة في خلفيتنا الاجتماعية والثقافية تمنعنا من ان نكون أهلاً صالحين كما نتمنى. إن إدراكنا لمدى عدم صحتها يتيح لنا فهم ما يجعلنا نبقى في علاقة قوة وصراع لفرض السلطة مع أطفالنا لأن هذه الأفكار التي تلقيناها تؤثر بطريقة أو بأخرى على الطريقة التي نتفاعل عبرها مع أطفالنا.
لقد كانت الأمور تسير بشكل أفضل في السابق، حين كان الأطفال يعرفون من هو القائد (الشخص المسؤول).
حين نعلم طفلاً أن ينفذ المطلوب منه تحت التهديد (بالعقاب) أو عبر الوعد بالحصول على مكافأة (الترغيب)، فإننا نحط من دوافعه الداخلية (قدرته على القيام بالأمور وفقاً لقيمه واحتياجاته وحماسه وكذلك وفقاً لمبادئه وأخلاقه (هو “يطيع” الشخص الذي يصدر الأوامر – السلطة دون فهم معنى القاعدة وأهميتها سواء لنفسه أو للآخرين).
عوضاً عن ذلك نحن نستطيع اعتبار أن السلوك السيء هو فرصة لحل المشكلة وتعليم المهارات، ليس الأمر جريمة يجب أن يخضع الطفل نتيجتها ل”عواقب” على شكل عقوبات. بالإضافة إلى ذلك، فإن النظر إلى ما وراء سلوك الطفل بغية فهم دوافعه (عواطفه، أحاسيسه واحتياجاته) ودوافعه الإيجابية (ما الذي يجعل الطفل يقول “نعم”؟) يساهم في الحصول على إجابات مناسبة.
إذا كنتم لطفاء جداً، فسوف يستخف بكم أطفالكم عندما يصبحون مراهقين.
حين يقوم أحد الوالدين بالتصرف مع طفله بطريقة متسلطة سيخلق ذلك سلوكاً دفاعياً (فيه تحدي) لدى الطفل. بالتحديد حين يكون أحد الوالدين متسلطاً وصارماً جداً فهو يخاطر بمواجهة تمرد من طفله في مرحلة المراهقة.
تصف موريل سالمونا العنف بأنه يؤدي إلى النفور لأنه يحمل تأثيراً كبيراً على صحة الطفل ومستقبله. ولديه القدرة على التحكم به وتحويله عما هو عليه وعن إمكاناته وقدراته، كما أن الحالة تزداد سوءاً إذا تمت ممارسة العنف من قِبَل أحد الوالدين المحكوم على الطفل بالعيش معه لسنوات عديدة، وأحياناً طوال حياته حتى، دون أن يتم التنبه إلى دوره ولا كشفه وإصلاحه.
تفسر موريل سالمونا كلمات جيلبرت سيسبرون بالتالي: إن جعل الطفل يعاني من العنف بعني قتل حياة استثنائية. إنه حرمان الطفل من المستقبل الذي كان من الممكن أن يكون مقدراً له والذي كان من الممكن أن يختاره بحرية، وحرمان العالم من كل إمكاناته، ومن جميع الإنجازات التي كان من الممكن أن يحققها، بدلاً من إرهاق نفسه في القتال من أجل النجاة. إنه حرمان من عالم أفضل وأكثر عدلاً.
كسر دائرة العنف المعتادة في أسلوب التربية: هو أمر صعب ولكنه ممكن
طبعاً من الصعب كسر دائرة العنف التربوي الطبيعية والخروج من آليات العنف الموروثة من الطفولة. على الرغم من صعوبة ذلك، إلا أنه لا يزال ممكناً.
- قرروا بشكل حازم عدم استخدام العنف التربوي مجدداً: اتخاذ تعهد بالالتزام اتجاه أنفسنا واتجاه الآخرين (خاصة الأطفال وشريك/ة حياتنا).
- صححوا السلوكيات عندما يكون هناك ميل نحو العنف في أسلوب التربية: مراجعة مع الطفل لما قلتموه أو ما قمتم به في السابق، تقديم الإعتذار، والاستماع إلى مشاعر الأطفال (الذين من الممكن أن يكونوا غاضبين من الشخص الراشد، فالغضب هو طريقتهم لاستعادة كبريائهم)
- تفسير وشرح أننا نسعى إلى تغيير سلوكنا،
- أن نطلب من الطفل مساعدتنا على تحديد ما يعتبرونه عنفاً وتذكير الوالدين بالالتزام بعدم استخدام العنف،
- إذا كان من الصعب جداً التغلب على آليات العنف هذه وتجاوزها، من الممكن طلب مساعدة أخصائي (معالج نفسي، مدرب للوالدين، ورشات تدريب حول التواصل بين الوالدين والطفل، وما إلى ذلك).
- اطرحوا على نفسكم السؤال التالي: “لأي سبب أتمنى أن يقوم طفلي بما أريده أن يفعله؟” (إذا كانت الإجابة تميل إلى المصلحة الشخصية، المتعة، المشاركة، الاستقلالية، وإرضاء النجاح، يصبح من الواضح أن الصراع على فرض السلطة لا مكان له في الأسرة).