صوتهم الداخلي: هل نكبر لنصبح كأهلنا؟ حسناً، هذا ليس قدرنا. نحن نملك خيارات أخرى طيلة حياتنا. فبينما نميل إلى تبني سمات وعادات تشبه عادات أهلنا، لدينا أيضاً القدرة على الاحتفاظ بالعادات الجيدة والتعلم من العادات السيئة والتخلص من بقية العادات وفصلها.
لا بد أنكم مررتم، بينما كنتم تكبرون، بأوقات كان أهلكم فيها صارمين وقاسين جداً، أو بالغوا في ردود فعلهم أو كانوا مهملين بحقكم، وقد مرت هذه الفكرة ببالكم “حين أكبر، لن أتكلم أبداً مع طفلي بهذه الطريقة”.
ولكن حين تصبحون راشدين تتفاجأون بأنكم تقومون بنفس التصرفات. إذن ما الذي حصل؟ حسناً، من الواضح أنكم تظلون تتبعون دائماً نفس الأصوات التي شكلت هويتكم كأطفال في الماضي.
إن الطريقة التي وجه لكم أهلكم عبرها الحديث تشكل الآن صوتكم الداخلي، فكيف يبدو ذلك في عقولكم؟
الحوار الداخلي
حين نكون أطفالاً، نطور القدرة على إجراء حوار فردي داخلي، المتعارف عليه أيضاً ب”الحوار الخاص”. بينما نطور مهارات لغوية، نبدأ بالتحدث مع أنفسنا لنفهم العالم الذي يحيط بنا ونتمكن من تصنيفه. خلال هذه المراحل الأولى من الإتصال بالعالم من حولنا نطور أيضاً فهمنا للتواصل البشري.
تكوّن سنواتنا الأولى مع أهلنا أسلوب ارتباطنا ولغات الحب لدينا، وهي تحدد مسبقاً إذا كنا سنعرف كيف نبني علاقات سليمة محافظين على الحدود اللازمة، وعلى ارتباط آمن مستقل، وآلية تساوي في السلطة حين يتعلق الأمر بالحب.
إن الكلمات التي يوجهها الأهل لأطفالهم تتحول إلى حوارهم الداخلي. بحيث تتحول بطريقة أو بأخرى إلى صوتهم الداخلي.
حارس أو طاغية؟
تحمل الكلمات تأثيراً حتى على الأطفال. إن الكلمات التي يختارها الأهل تخلق نبرة ولغة ومحتوى الحوار الداخلي. يمكن أن تلعب الأصوات في الحوار الداخلي دور الحارس الحامي أو المتنمر.
إن الوالد (الأب/الأم) الذي يسامح على الفور، والذي لا يتصرف أو يتكلم بطريقة قاسية جداً، والذي يشجع الطفل على متابعة شغفه بنفس قدر متابعة درجاته على الصعيد الأكاديمي، يخلق صوتاً داعماً في رأس طفله. من ناحية أخرى، فإن الوالد الذي يؤمن بأساليب تربوية أكثر قسوة وصرامة، والذي يلجأ دائماً إلى العقاب ولا يكترث للمشاركة في الأنشطة التي تتم خارج نطاق المدرسة، والذي يغضب بسرعة أو يهمل طفله، بخلق صوتاً متنمراً في رأس طفله.
مع الأسف، حتى العقول الصغيرة تحتفظ بأصوات التجارب الأولى. إن الكلمات الي تُنطق في البداية (في المراحل الأولى من الطفولة) لا يمكن أن تتبدل.
من يسكن في رأسكم؟
تذكروا أنكم لستم عالقين مع الصوت الذي يسكن في رأسكم. اعثروا على مصدر هذا الصوت، سواء كانت أمكم أو كان أبيكم، أو أحد أجدادكم، أو ذاك المعلم الصارم، وتحدثوا إلى أنفسكم. استعيدوا صوتكم الخاص واستخدموه لتكوين أطفال المستقبل بواسطة حوار داخلي رقيق ومحب وداعم.