تكرسين نفسك لأطفالك:
أتذكر هذا الوعد الذي أطلقته على نفسي خلال طفولتي. لقد كان نوعاً من الاتفاق مع ذاتي.
أنتِ ستصبحين أماً رائعة! موجودة للاستماع والتفهم، مخلصة وصديقة لأطفالك، دائماً مبتسمة ومطمئنة. وبالتأكيد ستكونين أيضاً امرأة خارقة مستقلة ورائعة مع شريك حياتها.ومن ثم، ذات يوم، أصبح لدي أطفال.كرّست ذاتي بالكامل داخل المنزل: كنتُ أحاول جعلهم سعداء وراضين في كل لحظة مهما كلفني الأمر.
لقد بذلتُ جهوداً كبيرة!
قرأتُ كل شيء، تدربتُ، وطبقت كل شيء.
مر على الأمر 10 سنوات، بالإضافة إلى الدور الذي كان عليّ أن أؤديه كأم مثالية، أصبحتُ نموذجاً تربوياً لما لا يقل عن 100000 أم وأب يتابعون مدونتي. لذلك أنا، أكثر من أي شخص كان، يجب أن أتصرف بالطريقة الصحيحة في كل الظروف
والنتيجة؟
لطالما كانت حياتي كأم مثالية كارثية! لقد كنتُ تعيسة بشدة وحزينة. كان لتصرفات أطفالي تأثير كبير على مشاعري وتصرفاتي.
مع كل معارضة من قِبَلهم، ومع كل كلمة “خطأ”، ومع كل شجار بين أطفالي… كان الأمر أكبر مني. كنتُ أنفجر. كان التنين داخلي يسيطر.
كنتُ أصب عليهم غضباً غير مفهوم. وأستغرق 3 أيام كي أستعيد توازني النفسي وهدوئي. وأدركتُ بوضوح: أنني أتحول إلى أم عكس تلك التي أقسمتُ أن أكونها.
كانت تطاردني هذه الأم العنيفة، المتوترة، التي كانت ستعذب أطفالها مدى الحياة.
ذات صباح، كنتُ سأجد نفسي حتماً منزوعة السلاح (دون حيلة)، في مواجهة فتاة مراهقة غير سعيدة، لم تعد تثق بي.
راودني شعور رهيب بأنني لم أعد بمستوى الرسالة الأهم في الحياة. والأسوأ من ذلك، أنني كنتُ أرى من حولي أهلاً سعداء وهادئين.
لم يكونوا مثاليين، لكن كل شيء في حياتهم كان يبدو أكثر بساطة
ما الذي يملكونه أكثر مني؟
لقد استغرقتُ سنوات كي أفهم ذلك…
إن رغبتي بإنجاز كل شيء بشكل جيد ومثالي هي التي كانت تجعلني تعيسة جداً، هذا الاتفاق الشهير الذي أبرمته مع نفسي:
- كنتُ أريدُ أن أتصرف بشكل صحيح إزاء كل تصرف يصدر عن أطفالي مهما كلفني الأمر،
- لم أكن أتقبل أن أشعر بالتعب أو التوتر
- كنتُ أضغط على نفسي كي أقمع ردود أفعالي، دون السعي إلى فهم الأسباب،
- كنتُ أشعر بالذنب وألوم نفسي على أي كلمة خاطئة أنطقها، وعلى أقل وقتٍ آخذه لنفسي… دون السعي إلى فهم ما يجعلني أشعر بالذنب.
إلى جانب ذلك كله، فقد كان الأهل الذين “يتركون الأمور تسير كما هي” يستمرون في قضاء الوقت مع أطفالهم دون أن يشغلوا عقولهم ودون أن يفسدوا حياتهم بشعور دائم بالذنب.
هذا هو سر الأهل الأقل توتراً!
إليكم الحقيقة (غير السارة):
- إذا تقبلتِ نفسكِ كما أنتِ (حتى عندما تخطئين)، ستنعمين على الأرجح براحة بال طيلة حياتك… وبالتالي سيراود أطفالك نفس الشعور.
- إذا بذلتِ جهوداً كبيرة كي تتحسني، وكان لديكِ هذا الشعور الرهيب بأن تتصرفي دائماً بالطريقة الصحيحة، وبأن تكوني “جيدة”… فأنتِ تحكمين على نفسكِ بالخيبة والحزن طيلة حياتكِ…
وذات يوم سترين أطفالكِ يفقدون قيمتهم أيضاً.
ليس من السهل ترك الأمور تسير كما هي بعد أن قضينا حياتنا نحاول “التحكم” بكل تفاصيلها.
لكن لحسن الحظ، بإمكاننا تعلم ذلك.
- أن تكوني هادئة، وتتحكمي بأوقات “الانفجار”، أن تتقبلي نفسكِ بشكلٍ كامل، أن تثقي بأنكِ أم رائعة (حتى حين تخطئين)… جميع هذه الأمور هي مسألة تدريب واعتياد، واعتماد طريقة جديدة في التفكير.
- أن تحكمي السيطرة اليوم، لا يعني أنكِ ستتمكنين من الاستمرار كذلك طيلة حياتكِ.
طريقة تصرفكِ وتفكيركِ وردود فعلكِ كلها ستتغير. الحياة تتبدل، وكل شيء من حولنا يتغير. وأحياناً تتغير الأمور بسرعة “بمفردها” دون أي “تدخل” من قبلنا! دون أن نفعل أي شيء!
إذا أردتِ قياس سعادتكِ في حياتكِ كأم، ضمن مقياس من 1 إلى 10، كم سيكون الرقم؟
هذا السؤال يعكس قدرتكِ على التخلي عن السيطرة على كل شيء حالياً، وإذا كنتِ ترغبين في تعلم استعادة هدوئك، أو إذا كنتِ تشعرين أنكِ بحاجة ماسة إلى ذلك…
إن تعلم التعرف على ذاتي، وفهم طريقة تصرفي إزاء الأمور، وطريقة تفكيري، والتعرف على حدودي، وتعزيز تقديري لذاتي، وتقبل نفسي بشكل كامل…
كل هذا غيّر حياتي. لم أصبح الأم المثالية التي تعهدتُ أن أكونها. بل أصبحتً ذاتي وتقبلتُ نفسي أخيراً كما انا.وهذا أفضل بكثير!!!
إن تدريب أنفسنا على ذلك هو أمر يعيد إلينا الراحة والاستقرار، ويخفف من حدة شعورنا بالذنب. إلى جانب ذلك، يمكنك أن تحضري دفتراً وقلماً وأن تبدأي بتغيير نفسك الآن.
كوني ذاتكِ، أنتِ أيضاً. كوني على دراية وعلم بكل ما أنتِ عليه!