هل يمكن أن تحفظ 352 صورة في غضون 5 دقائق؟ هل هذا مستحيل؟ تجدر الإشارة إلى أنّ أبطال الذاكرة الخارقة يحققون هذا الإنجاز في بطولات الحفظ! وأنت أبضاً يمكنك أن تفعل ذلك! أنت وأولادك وحتى طلابك! نعم، نعم! إذن، سأفسح المجال في هذا المقال للكشف عن إحدى تقنيات الحفظ المفضّلة: جدول التذكير.
قوة فن الذاكرة
تملكون كلكم ذاكرة قوية لكنكم لا تعرفون كيف تنمّون ذاكرة خارقة أو استثنائيّة؟ هل يتم ذلك عن طريق ألعاب أو أقراص سحريّة أو طرق تعليم خارقة أو تجربة علميّة؟ لا، أبداً، فكل ما تحتاجونه كي تنمّوا ذاكرة خارقة هو أن تعرفوا تقنيات الحفظ المختلفة!
تقنيات الحفظ
يستخدم الملمّون بفن الذاكرة تقنيات حفظ عديدة ليحفظوا أيّ معلومة. وهذه التقنيات تسمح لهم بحفظ آلاف وآلاف المعلومات من دون أيّ صعوبة. لا بد من أنكم تعرفون تقنيّتي الحفظ: قصر الذاكرة (أسلوب تذكّر مكاني) وطريقة الربط (تأليف قصة).
تختلف تقنيات الحفظ إلى حدّ بعيد عن طرق فن الذاكرة البسيطة التي يمكن تطبيقها في أيّ وضع وعلى أيّ معلومة.
فاعلية هذه التقنيات وإمكانية تطبيقها
لكل تقنية مجال تطبيق معيّن. فقصر الذاكرة على سبيل المثال يسمح بحفظ المعلومات بترتيب محدد ودقيق وبالعثور على المعلومات بسهولة بهذا الترتيب نفسه. أما تقنيّة أو طريقة الربط فتسمح بحفظ مجموعة من العناصر بسرعة وسهولة كبيرتين. وبفضل هذه التقنيات، يمكن لأبطال الذاكرة أن يحفظوا آلاف الأرقام بالترتيب، ومئات الوجوه في 15 دقيقة، ومئات التواريخ، وآلاف البطاقات، الخ…
سأطلعكم على سرّ: إنّ أبطال الذاكرة أو الحفظ ليسوا عباقرة! إنهم أشخاص تدرّبوا وحسب ويطبّقون مجموعة من التقنيات. لكن ماذا عن الأرقام؟ كيف ينجحون في حفظ هذا القدر منها؟
هذه هي تحديداً التقنيّة التي سنتحدّث عنها في هذا المقال. إنها إحدى تقنيات الحفظ الأكثر قوة في العالم، وأعني بذلك: جدول التذكير!
جدول التذكير
يسمح جدول التذكير بأن نحفظ من دون صعوبة سلسلة من الأرقام بالترتيب (200 في 5 دقائق على سبيل المثال). يمكنكم بالتالي أن تحفظوا رقم هاتف في غضون ثوانٍ. إنها التقنية الأكثر استخداماً من قبل الملمّين بفن الذاكرة لكنها أيضاً التقنية التي تتطلب أكبر قدر من التحضير.
1- تمرين عمليّ
إليكم هذا الاختبار البسيط:
حاولوا أن تحفظوا رقم الهاتف التالي في غضون 30 ثانية: 0620010112
إذن؟ هل نجحتم في ذلك؟
أحسنتم لأولئك الذين أفلحوا في حفظ الرقم ضمن المهلة المحددة. أما أولئك الذين حاولوا إنما من دون جدوى، فلا داعي لخيبة الأمل إذ سأشرح لكم ما منعكم من أن تنجحوا.
إذا رددتم الأرقام في ذهنكم كأنشودة، فمن المحتمل أن تكون النتيجة قد جاءت كالتالي: “إذن 06200111، لا بل 12، لكن ثمة رقم ناقص، فما هو؟”
- والآن، احفظوا هذه القصة: “في إحدى أمسيات شهر تشرين، كنت تتناول العشاء مع مجموعة من الأصدقاء، غالبيتهم من الستات (السيدات). وفجأة، ومن حيث لا تدري يرميك أحدهم بالبيض. ماذا تفعل؟ تتصل بالشرطة لكي توقف المعتدي.”
- إذن؟ هذا ليس أسهل؟ “كيف يمكن أن يكون أسهل؟”
- ما كان الرقم الثاني؟ “عشرين”
- في أيّ شهر كان العشاء؟ “تشرين”
- ما هو الرقم الأخير؟ “12” وما هو الرقم المخصص للاتصال بالشرطة “آه، نعم بالفعل، الشرطة 112”.
تسمح لكم القصة التي قرأتموها للتو بأن تحفظوا سلسلة من الأرقام بالترتيب ومن دون صعوبة. هذه الطريقة أكثر سهولة ومتعة من حفظ الأرقام واحداً تلو الآخر من دون أيّ منطق.
2- طريقة عمل جدول التذكير
الواحد يعود إلى أحدهم، حسن. وماذا عن الرقم ستة وارتباطه بالستات؟
إنّ جدول التذكير بناء، من صفر إلى 99 بشكل عام، وهو يسمح بالربط بين رقم وصورة.
لتتمكّنوا من أن تحفظوا سلسلة أرقام بسهولة، لا بدّ من أن تربطوا كل رقم بصورة معيّنة، من صفر إلى 99. فالرقم 67 بالنسبة إليّ مثلاً يرتبط بالبساتين (بسبب القافية)، و20 بشهر تشرين و98 بالعين. لو توجّب عليّ أن أحفظ أحد هذه الأرقام لكي أحفظ رقم هاتف أو تاريخ ميلاد، فسأحوّل هذه الأرقام إلى صور وأجمعها معاً لكي أؤلّف قصة صغيرة يسهل عليّ حفظها.
لكن، لمَ تفعل هذا؟ أنت تضيّع وقتك في تأليف القصة وحفظ الصور.
هل تواجهون صعوبة أكبر في حفظ سلسلة الأرقام أم سلسلة الصور؟ من الطبيعي أن يكون الجواب سلسلة الأرقام. لكن لماذا؟ لأنّ ذاكرتنا تحب أن تحفظ الأشياء الماديّة الملموسة؛ علماً أنّ ما من شيء مجرّد ونظري أكثر من الأرقام. إذا طُلب منكم أن تحفظوا الرقم 77 فسيتخيّل معظمكم الرقم 77 لكن إن قلت لكم درّاجة فستتمكنون كلكم من أن تتخيّلوا الدرّاجة.
إليكم فائدة جدول التذكير: تحويل العناصر المجرّدة (الأرقام) إلى عناصر ملموسة لتسهيل حفظها على المدى القصير والمدى الطويل.