الذاكرة الخارقة:
سأطلعكم على سرّ: إنّ أبطال الذاكرة أو الحفظ ليسوا عباقرة! إنهم أشخاص تدرّبوا وحسب ويطبّقون مجموعة من التقنيات. لكن ماذا عن الأرقام؟ كيف ينجحون في حفظ هذا القدر منها؟
هذه هي تحديداً التقنيّة التي سنتحدّث عنها في هذا المقال. إنها إحدى تقنيات الحفظ الأكثر قوة في العالم، وأعني بذلك: جدول التذكير!
إليكم فائدة جدول التذكير: تحويل العناصر المجرّدة (الأرقام) إلى عناصر ملموسة لتسهيل حفظها على المدى القصير والمدى الطويل.
انتقد البروفسور آلان لويري، المتخصص في علم النفس الإدراكي، بشدة تقنيات الحفظ. وأكّد أنها ليست فعّالة بقدر ما يدّعي الملمّون بفن الذاكرة. لكنه يعترف في كتبه بأنّ جدول التذكير هو من دون شك أداة الحفظ الأقوى والأنفع من بين الأدوات الموجودة وأنه يسهّل حفظ الأرقام إلى حدّ كبير.
وضع جدول التذكير الخاص بك
حسن، إنّ حفظ قصة أفضل من حفظ سلسلة من الأرقام. لكن ما هي الطريقة التي يجب اتباعها لوضع جدول التذكير الخاص بي؟
ثمة العديد من الطرق (التي لا يمكنني أن أفصّلها كلها هنا وإلا سيصبح المقال طويلاً جداً). في المقابل، سأقدّم لكم طريقة وضع الجدول المفضّلة لديّ: طريقة الاستحضار.
تقضي الطريقة وبكل بساطة بأن تستمعوا إلى الأرقام وأن تحاولوا بحسب وقعها على الأذن أو شكلها أن تكوّنوا صورة. فعندما تسمعون عشرين مثلاً تفكرون في الأوراق المتساقطة في شهر تشرين وعندما تسمعون 98 تفكرون على الفور في دمع العين. على أيّ حال، إليكم هذه المنهجيّة لتساعدكم في وضع جدول بسرعة أكبر:
- انطلقوا من مبدأ أنّ الرقم 2 يتطابق مع الحرف N لأننا إذا قلبنا هذا الرقم 90 درجة مئوية يمكن أن نتخيّل الحرف N
- الرقم 3 يتطابق مع الحرف M، إذا اتبعنا العملية نفسها كما مع الرقم 2
- الرقم 4 يتطابق مع الحرف R (شبه على مستوى الشكل)
- الرقم 5 يتطابق مع الحرف S (شبه على مستوى الشكل)
- الرقم 6 يتطابق مع الحرف C (شبه على مستوى الشكل)
- الرقم 7 يتطابق مع الحرف T (شبه على مستوى الشكل)
- الرقم 8 يتطابق مع الحرف B (بسبب الحلقتين)
- الرقم 9 يتطابق مع الحرف P (بسبب الحلقة الأولى)
بفضل هذه المنهجيّة، يمكنكم وضع هذا الجدول.
بعض النصائح لوضع جدول تذكير خاص بك
لا تحاول أن تكون منطقياً جداً عند وضع الجدول: إن كان رقم 97 يجعلك تفكّر في شارع الحلوين فاحتفظ بهذه الصورة. فالأهم هو أن تعلق في الذاكرة وليس أن تكون منطقيّة أو جميلة.
1- أفكار مغلوطة
هل هذا يعني أنّ عليّ أن أحفظ 99 صورة؟ إذن، إن كانت ذاكرتي ضعيفة، فلا فائدة!
هذه فكرة خاطئة لأربعة أسباب:
- لا تنسوا أنها صور تتخيّلونها أنتم أنفسكم. إنها صنيعة عقلكم ما يعني أنكم لن تضطروا إلى بذل جهد لحفظ الصور بل ستخطر لكم بشكل تلقائي وطبيعي.
- يمكنكم بكل سهولة أن تشكّلوا وتحفظوا 10 صور في اليوم. يمكنكم أن تستغلوا الوقت الذي تقضونه في السيارة أو في وسائل النقل لوضع الجدول وحفظه.
- يمكنكم أن تبدأوا بجدول من صفر إلى 9 وتختبروا فاعليته. ستلاحظون سريعاً الفوائد الأولى لهذه التقنية الرائعة وسترغبون في المضي قدماً فيها.
- يمكنكم أن تتدربوا طيلة الوقت وفي أيّ مكان: يمكنكم أن تتسلوا بحفظ أرقام لوحات السيارات وأرقام الهواتف، الخ… لن يشكّل هذا عملاً شاقاً بل متعة لأنّ كل مجموعة من الأرقام ستتحوّل إلى فرصة لرسم قصة جديدة في الذهن ولتدريب الذاكرة.
2- قدرة جدول التذكير
سيترك وضع جدول التذكير الخاص بك آثاراً ايجابية على المديين المتوسط والطويل. تخيّلوا لو عرفتم هذا النظام عندما كنتم صغاراً:
- التواريخ الواردة في كتاب التاريخ؟ لهو أطفال
- حفظ أرقام الهواتف؟ بضع ثوانٍ، ليس إلا.
- تذكّر أعياد الميلاد؟ أبسط مهمة في العالم.
مما لا شكّ فيه أنّ جدول التذكير المتين سيتطلب بعض الوقت والتدريب، لاسيّما في البداية. إنها بالتأكيد التقنية التي تتطلب أكبر قدر ممكن من الجهود. بالتالي، إذا استطعتم إتقان هذه التقنية فستتمكّنون من أن تبرعوا في التقنيات الأخرى كلها من دون مشكلة. ستنمّون بهذه الطريقة ذاكرة بطل.
لا تنسوا: يجب ألا يتحوّل وضع الجدول إلى مهمة شاقة بل خذوا وقتكم حتى وإن تطلّب الأمر شهراً فلا تقلقوا ولا تُحبطوا. لكنك ستكسبون بعد هذا الشهر أداة ذهنيّة ستقلب حياتكم رأساً على عقب.