الرسم وسيلة للتعبير عن شخصية الطفل
دعوه يختبر ويستكشف
من المهم أن ينظر الطفل إلى الرسم على أنه لحظة حريّة. ما إن يكتسب حداً أدنى من الاستقلاليّة حتى تدفعه إمكانيّة الوصول بسهولة إلى الأقلام والورق إلى أن يبدأ بالرسم. وسيهتم بالرسم أكثر طالما أنه يقوم بهذا النشاط بشكل حرّ. في البداية، سيركّز بشكل أساسيّ على نتيجة حركته، على الخط، وعلى اللذة الأساسيّة وهي لذة أن يترك أثراً. وستدفعه حاجته إلى الاختبار لتجربة الأقلام المختلفة الموضوعة في متناوله. وستجعله التجربة يفضّل هذا النوع من الأقلام وهذا اللون أكثر مما عداهما. إنّ قدرته على تأكيد خياراته مسألة محفّزة جداً بالنسبة إليه وهي تجعل من هذا النشاط عملاً مرضياً جداً.
علاوة على اللذة التي يجدها في الإبداع، يستخدم الطفل الرسم كلغة. وهو يسعى معظم الوقت إلى التفاعل مع الراشدين وإلى شرح ما يفعله. إذا لم يحصل هذا بشكل تلقائي، فهذه اللحظة مناسبة كي تسألوه إذ أنه يقدّر أن نبدي اهتمامنا بما يفعله. يدرك الطفل، حتى وإن لم تكن حركاته واثقة وثابتة بعد، أنّ الرسم هي طريقة ممتعة للتعبير وحجة للتواصل مع الآخرين.
إليكم بعض الأفكار لأسئلة أو تحديات بسيطة:
- لمَ استخدمت هذا اللون في رسمك؟
- ما هي الألوان المفضّلة لديك؟
- هل تعتقد أنه من الممكن أن نرسم جزرة زرقاء أو شمساً خضراء؟
- هل تستطيع أن تملأ الورقة بالرسوم؟
- كيف ترسم (شخصية مألوفة، حيواناً أو مخلوقاً يجعله يحلم ويتخيل)؟
مواكبة صحوته الفنيّة
مع مرور الوقت، تصبح حركاته أكثر دقة. وتصبح رسومه محددة أكثر، حتى وإن بقيت غالباً بعيدة عن الواقع نسبياً. يحاول الطفل أن يصوّر على الورقة ما يراه ويفهمه من العالم الذي يحيط به، علماً أنّ إدراكه لهذا العالم يختلف عن إدراك الراشد له ما يولّد الكثير من التخيّلات لاسيما عندما يقترن إدراكه الخاص بإبداعه الطبيعيّ. إذا بدت القطة كالمغلف وإذا صوّر أخاه الصغير على شكل خط، فهذا مقبول تماماً. وإن كان يحب أن يرسم فوق رسم موجود حتى تصبح الورقة سوداء، فلا بأس أيضاً. من الأفضل أن نحترم رؤيته وأن ندعمه في خياراته عبر إبداء الاهتمام بما أبدعه. في الواقع، إنّ سؤاله عن معنى هذا الشكل أو ذاك الخط هو طريقة ممتازة لبدء محادثة معه واكتشاف غنى مخيّلته المرتبطة بهذا الرسم.
عندما يبدو لكم أنه يفتقر إلى الإلهام، فسيكون من المفيد لربما أن تمدّوه ببعض الخيوط أو الأفكار ليبدأ النشاط، شرط ألا ترسموا بدلاً منه أو أن تعيقوا إبداعه. يمكن أن يصوّر مكاناً مألوفاً مع إضافة أجمل الألوان أو أن يرسم فراشة مع قبعة. إنّ الخيارات والإمكانيات لامتناهيّة والهدف هو منحه الرغبة في أن يتخيّل. فالأطفال لا يرسمون من أجلهم فقط بل يعشقون إهداء الراشدين ما انتجت أيديهم. في الواقع، أن تطلبوا منهم رسم رسمة ما من أجل الجدّين أو المعلّمة هي طريقة ممتازة لشحذ همتهم على الرسم. في المقابل، من المهم أن نتقبّل الرسمة التي وقّعها الفنان كهديّة حقيقية كي نشجّعه في هذا الاتجاه.
إذن، هيا إلى أقلامكم! استعدوا وابدأوا الرسم أيها الفنانين الصغار!