الخطوة الأولى.. تحلم الأم باللحظة التي سيتمكن فيها طفلها من المشي، وتحاول بصورٍ مختلفة أن تساعده على القيام بهذه الخطوة منفرداً، بل وتعتبرها أولى خطواته في الاعتماد على النفس واكتشاف العالم من حوله.
مرحلة مثيرة يتابعها المحيطون بطفلك، لكن أحياناً نخطئ حينما نتعجل بتدريب الطفل على المشي من خلال المشاية Baby Walker. إن التحذير من خطورتها يثير القلق لدى الأمهات، فما حقيقة ذلك؟
لم تشر الدراسات إلى أن “المشاية” تعلّم الطفل كيفية المشي أو تساعده على الخطو في سنٍ مبكرة، بل على العكس فهي تؤخّر اعتماده على نفسه في المشي لمدة شهر على الأقل، وتؤخر النمو الطبيعي لعظام الطفل وتحكمه في عضلاته.
وتوصي الجمعية الأميركية لطب الأطفال بعدم استخدام المشاية، ليس فقط لعدم تحفيزها لتعلم المشي بنفسه، لكن لتسببها في كثير من الحوادث التي يتعرض لها الأطفال، بحسب تقارير الطوارئ بالمستشفيات، مثل السقوط من أعلى الدرج أو الاصطدام المفاجئ بقطع الأثاث أثناء المشي السريع بها.
ولا ينصح استشاري جراحة العظام د. رأفت زيتوني، الأمهات باستخدام المشاية كوسيلة لتعليم الأطفال المشي، كونها تحرم الطفل من المرور بمراحل التطور الطبيعية، “فالطفل يتطور جهازه الحركي مع نموه. وفي الأشهر الأربعة الأولى، يكون الوضع المناسب له أغلب الوقت هو الاستلقاء على الظهر. فمنذ الأسابيع الأولى، من المفيد أن يوضع منبطحاً على بطنه شريطة أن يكون تحت المراقبة.
هذا يفيد في تمرين عضلات رقبته وظهره، حيث أنه يحاول أن يرفع رأسه، – ولاخوف عليه من الاختناق كما يظن بعضهم -. أما في الشهر الثاني أو الثالث، فيصبح لدى الطفل القدرة على إبقاء رأسه مرفوعاً عن الأرض لفترة، وهذا يفيده أيضاً في تطوره العقلي والنفسي، حيث ينظر إلى العالم من حوله ويطلع عليه وهو في وضعية إشراف من علٍ”.
وأضاف زيتوني لـ “هافينغتون بوست عربي” أن التمرينات نفسها “تشبه التدريبات التي يقوم بها جنود الجيش لتقوية عضلات الجسم، فما بالنا لو كانت مهارة طبيعية لدى الطفل؟ كما تساهم المشاية من ناحية أخرى في اعوجاج الساقين”.
وبحسب استشاري جراحة العظام، “فلا يفضل أن يقف الطفل على ساقيه في الشهور الأولى من عمره إلا بصورة طبيعية دون تعجّل، حيث أن وزن جسم الطفل لا يمكن لساقيه تحمله، بحيث يصبح من الأفضل تأخير ذلك لحين بلوغ 12-14 شهراً”.
وتابع “ننصح الأمهات بترك المجال لأطفالهن للزحف بصورة طبيعية تماماً دون إدخال أي عناصر خارجية للمساعدة، مع الحرص على إعطاء الطفل جرعات فيتامين (د) حتى بلوغ السنة الأولى، خاصة أن الرضاعة الطبيعية تمنح الطفل في الشهرين الأولين فقط من عمره القدر الكافي من فيتامين العظام (د)”.
من ناحية أخرى، لا يوصي د. زيتوني باستخدام الكرسي المعلق المعروف بـ Door Jumper، حيث يتم وضع الطفل به كوسيلة للعب والإلهاء، إذ يتسبب في تحميل العمود الفقري للطفل ثقل وزنه، وهو ما يمثل عبئاً على عظام وعضلات الظهر، كما يتسبب في انحناء العمود الفقري.
وختم استشاري جراحة العظام “لا ينصح أيضاً بالاستعجال في وضع الطفل بوضعية الجلوس بشكل باكر، لأن ذلك يؤدي إلى تحميل عموده الفقري ثقل جسمه، ما يؤدي إلى حصول تحدب في الظهر. كما يحرم الطفل من التمارين الجيدة التي يحصل عليها لدى محاولته رفع نفسه عندما يكون في وضعية الانبطاح. لنترك الطفل يتطور بشكل طبيعي، حيث يستطيع عادة أن يجلس بنفسه دون الاستناد إلى شيء في سن 6 أشهر.