سألتني امرأة خلال محاضرة:
– قل لي، إذا قام رجل بإيذائي وسبب لي الألم، ولكنني استطعت تجاوز هذا دون كره أو لوم تجاهه، هل يعني هذا أنني تصرفت، على المستوى الروحي، بشكل صحيح وتجاوزت الحالة المؤلمة ؟
هززت رأسي نفياً:
– لا. إذا بذلت جهدك كله لإزالة الكره والحقد تجاه الآخر، أنت ببساطة سوف تحولين المشاعر العدائية نحو ذاتك. بتعبير آخر، سوف تموتين أنت وليس الشخص الآخر. لأنك ستقتلين نفسك وليس هو. دعينا نشرح هذا!
إذا لم يكن لديك، خلال مرورك بأي حالة مؤلمة أو مزعجة، شعور بالحب، فلن تدفعك معاناتك للتوجه نحو الله. سوف يدفعك شعورك بالغضب وبحب الانتقام نحو محاولة سحق أحد ما: إما الآخرين وإما نفسك. يجب أن تتذكري دائماً أن أي وضع مزعج أو مؤلم في الحياة له هدف نبيل: التوجه أكثر نحو الحب ونحو الله، وكذلك أي شعور بالسعادة أو بالسرور له نفس الهدف.
ولكن ما الذي نفعله عادةً في هذه الحالة؟ عندما ندخل في حالة سعادة أو سرور، نتعلق بها ونخضع لها، نبذل جهدنا كي تظل في متناولنا. عندما نعيش وضعاً مزعجاً أو مؤلماً، نكره الآخرين ونزدريهم، نحاول أن ندوسهم بأقدامنا، أو نكره أنفسنا ونقوم بتعذيبها. الحالتان؛ الخضوع والكره شقيقان توأمان ولا مكان للحب هنا.
لكي نحافظ على الحب في لحظة الألم والخسارة، لا بد أن نرى العالم كله بمثابة طفل. نحن لا نكره الطفل ولا نحاول قتله إذا تسبب لنا بالخسارة أو الأذية. كلما كانت الخسارة أكبر، يجب أن تكون قوة الحب في أنفسنا أكبر كي نتحمل تلك الخسارة. إذا فقدت محفظتك وقلت لنفسك: ” سوف أحافظ على الحب في نفسي في كل الأحوال “، سوف تنجحين. ولكن إذا آذاك شخص قريب، فهذه الجملة لن يكون لها نفس التأثير أبداً. يجب أن تكون قوة الحب أكبر بعشر أضعاف.
عندما نواجه مصيبة كبيرة تجعلنا نشعر بأن مستقبلنا قد انهار، على شكل موت شخص عزيز، انهيار الآمال والأهداف، إهانة أقدس مشاعرنا… يجب أن تكون قوة الحب أقوى بكثير، فإذا لم تكن كافية، فسوف نخسر المستقبل، ومعه الحياة والصحة. إن الذين يستطيعون تجاوز انهيار المستقبل نادرون في هذه الأيام، لذلك لا حل أمامنا إلا الاستمرار في حب العالم المحيط مهما بدا لنا هذا قاسياً، في حب من خانك، في حب من ظلمك… يجب أن نزيل من أنفسنا أي سبب أو مبرر يمنع الحب.
على ما يبدو، حتى نصل إلى الحقائق العظمى ونعيها، لا يكفي أن نتألم ببساطة. يجب أن نصل إلى حافة الهلاك، حيث لا يعود أمامنا خيار سوى الموت أو أن نغفر ونحب. كل شخص سيواجه عاجلاً أم آجلاً هذا الخيار لكي ينتصر الحب. الأكثرية تصل إلى هنا بعد الموت. البعض بعد معاناة مع الأمراض المستعصية على العلاج. وقلائل جداً هم من لا يحتاجون لمواجهة هذا الخيار.