من الصعب جداً اتقان فن الإصغاء بالنسبة للكبار. لذلك لن يكون الأمر أسهل بالنسبة للصغار !
كيف نعلّم أولادنا أن يصغوا إلينا ؟
هناك عدة أجوبة على هذا السؤال. إليكم واحداً منها…
غالباً، ما يشعر الأولاد بالصدمة لأن كل شيء مفروض عليهم. نعطيهم دائماً أوامر :
“انهض! اذهب إلى المدرسة واعمل جيداً ! مارس الرياضة والعب بهذه الطريقة، اذهب إلى السرير لأنني قلت هذا !”
وماذا لو قلبنا الأدوار ؟ جرّبت إحدى الأمهات وإليكم شهادتها :
“لقد كدت أضحك من الفكرة. نعم. اليوم، قال لي ابني ما الذي عليّ أن أفعله وأنا أصغيت إليه. ضبطنا المنبه لمدة 45 دقيقة. لعبنا ابني وأنا. كان يجب أن يكون هو الماما ويقول للماما ما الذي عليها أن تفعله ويساعدها على الإصغاء.
قمنا بالتلوين فترة من الزمن. قال لي إنني لا أستطيع أن ألوّن إلا بالأقلام الخضراء وإنني يجب أن أرسم دائرة، ثم منزلاً وحصاناً. ويبدو أنني أخطأت لأنه قال لي :ماما،لااااا ! ماما حصان. شطب حصاني ثم طلب مني أن ألوّن حصاناً آخر.
ثم قال لي إنه حان وقت الذهاب إلى غرفته من أجل اللعب بالمكعبات لكن أولاً يجب أن نقوم بتركيب الخيمة. ولعبنا معاً في هذه المساحة الصغيرة. لم أكن أستطيع أن أصدق أن جسمي يمكن أن يدخل في الخيمة، لكنني فعلتها ! لقد بنينا قصراً وطلب مني ابني أن أقوم بتركيب شاحنة كبيرة كي يقودها الملك.
أصغيت بانتباه والتزمت بكل تعليماته. وبعد 45 دقيقة، رنّ الجرس.
سألته : هل أصغت ماما إلى كل التعليمات ؟
– نعم. ماما، لقد أصغيتِ”.
لماذا تنجح هذه الطريقة ؟
السماح للأولاد بتحمّل المسؤولية يساعدهم على الشعور بأنهم قادرون على التحكم في حياتهم.
هذا يسمح لهم أن يكوّنوا نموذجاً جيداً عن أنفسهم.
كما يساعد الأولاد على معرفة أن هناك شيء في الحياة اسمه تنازلات متبادلة. وأننا نحن كلنا هنا من أجل أن نساعد بعضنا.
يصبح الأولاد أكثر قابلية للإصغاء عندما ينمّون حس الانتماء والمشاركة في العائلة، وعندما يشعرون أن ما يقولونه يُحسب حسابه.
انقلاب الأدوار واللعب بين الأهل والأولاد يخلق تواصلاً وإصغاءً أفضل بالنتيجة. عندما يشعر الأولاد أنهم أكثر تواصلاً مع أهلهم، يصبحون أكثر قابلية للطاعة وللإصغاء.
تنبيه : أن يصبح ولدكم رب العائلة لا يعني…
كونه أصبح الرئيس لا يعني أن يقول “أعطني 100$ ولنأكل الآيس كريم بدل الفطور”.
يجب أن تتيحوا الفرصة لولدكم كي يأخذ دور الأهل وكي يساعدكم على الإصغاء. مثلاً، قولوا له إنه سيكون القائد بينما أنتم تلعبون معاً في غرفتكم. تستطيعون أن تتركوه يقرر في أي ساعة ستتناولون العشاء وأي نوع من السندويشات سيأكل.
قد يكون هذا أي شيء. بعدها يأخذ أولادكم المبادرة. إذا كان لديكم عدة أولاد أعمارهم أكبر من هذا النشاط، دعوا كل منهم يأخذ دور الأهل.
تذكروا هنا :
أنكم تستطيعون أن تتعلموا اكثر مما تتصورون إذا سمحتم لولدكم بأن يأخذ دور الأب أو الأم. تستطيعون عندها أن تراجعوا ردات فعلكم وطريقتكم في الإصغاء أو عدم الإصغاء…
من نواحٍ كثيرة، هذا النشاط يكشف نظرة ولدكم إلى دوركم كأهل. إنها فرصة لنا جميعاً، كأهل، أن نرى كيف نتكلم مع أولادنا عندما نريد أن يصغوا.
إنها تجربة مثيرة، تكشف الكثير، وهي خصوصاً درس جيد في التواضع عندما نرى أنفسنا من الخارج.
شاهدوا هذا الفيديو