هل هو فجر إنسانية جديدة ؟
هؤلاء الأولاد متعاطفون، متواصلون بشكل خارق مع محيطهم، يعرفون بدون أن نشرح لهم كيف، يمزجون حساسية هائلة مع وضوح حاد، ينشرون طاقة حيوية يمكن أن تصل إلى درجة التكبر، يلتقطون بشكل لا واعٍ إشارات لا يلاحظها الآخرون، ويبدو أنهم قادرون على الوصول إلى معلومات خفية ؟
برأي عالمة النفس ماري فرانسواز نيفو، التي ترافق الأولاد المنذ ثلاثين سنة، يجب أن نتجنب إطلاق أي صفات عليهم، علينا أن نتقبلهم كما هم.
بالنسبة لها، هؤلاء الأولاد هم نتاج الذكاء العاطفي الذي يحرر نفسه من الازدواجية بين الدماغ الأيمن والدماغ الأيسر لكي يدخل في شكل من أشكال التوحيد. من وجهة نظرها، هم أيضاً علامة على تطور البشرية نحو وعي أكثر شمولية، أكثر انفتاحاً على المقدس، أكثر حاجةً إلى الاحترام، إلى العدالة والإحساس. وهي تتابع :”يجب أن نغيّر طريقتنا في النظر إلى هؤلاء الأولاد. ليس لديهم خلل وظيفي محدد، لديهم فقط مهارات خاصة”.
لكن في نفس الوقت، يجب أن لا نعتبر أنهم يتمتعون بطاقات خارقة، فقط لأنهم يظهرون إبداعاً خارقاً، أو رؤية وحدس خارقين. “نعم لديهم القدرة على الوصول إلى أبعاد أخرى. نعم، مفهوم الزمن عندهم ليس خطاً مستقيماً، إنه أكثر تركيزاً على اللحظة الراهنة. نعم، إنهم في انسجام مع تطور ذبذبات الكون. لكن مهمتنا، كراشدين، ليس اعتبارهم مثاليين، بل أن نتقبل خصوصيتهم بكل بساطة، وأن نفهم كيف يفكرون حتى نرافقهم نحو الأفضل، مع أخذ احتياجاتهم بعين الاعتبار”.
تؤكد جان سيود فاشين :”إذا واجه الولد صعوبات، يجب أن نقوم بتحليلها على ضوء شخصيته. إذا انطلقنا من مبدأ أنه كسول، ليس لديه حوافز، معارض دائماً ولا يفعل إلا ما في رأسه، وهذا ما يسمعه هؤلاء الأولاد غالباً، سواء من معلميهم أو من محيطهم، فنحن نسيء معاملتهم. بدل أن نساعدهم، نحن نعيقهم، نمنعهم من أن يزدهروا. نخشى عندها من أن يتجهوا اتجاهاً آخر ويرفضوا كل القوانين. لكن إذا اعترفنا باختلافهم، يمكننا أن نأخذ هذا بعين الاعتبار لتصحيح ردة فعلهم…إذا شعر الولد أن لديه حيزاً خاصاً به، أنه معترف به، فسيبذل جهداً هو أيضاً كي يتكيف مع النظام”.
يشرح الدكتور لومبارد :”الشيء الأساسي هو أن نحرص على أن لا نبني لهم شخصية مزيفة. يجب أن لا نحثهم، علينا فقط أن نصغي إليهم ونتقبلهم، لكي يشعروا أنهم مفهومين. كل ما علينا فعله هو توجيههم نحو وضعية العلاج الذاتي. عندما يكونون متواصلين مع داخلهم، يعرف الأولاد أفضل من أي شخص كان ما هم بحاجة إليه”.
بكل تأكيد، كل حالة لها وضع خاص ومعقد. إذا تفاعلنا معهم أكثر، إذا اعتمدنا على مؤسسات تعليمية لا تهدف إلى وضع كل الأولاد في نفس القالب، إذا كان هناك مجموعات لدعم الأهل ونشر المعلومات بينهم، عندها يصبح ممكناً لنا أن نتلقى كل ما يمكن أن يحمله لنا هؤلاء الأولاد. تستنتج جان سيود فاشين :”برأيي، يجب أن ننظر إلى هؤلاء الأولاد نظرة تطورية. عندما نعطيهم مجالاً أكبر، نحن نساهم اكثر في تقدم الإنسانية”.