ما يبقى موضع جدال دائم هو موضوع معنى الأمراض.
لماذا أنا ؟ لماذا هذا المرض ؟
شئنا أم أبينا، إنها مشكلة تؤرق المرضى بشكل مرعب.
عندما يحصل لنا أذى كبير، ردة فعلنا الأولى هي أن نرفض تصديقه (“ليس أنا”، “لا”، “هذا مستحيل”).
ثم تأتي ردة فعلنا الثانية، الإنسانية جداً، وهي الشعور بالغضب وعدم الفهم :”ماذا فعلت يا الله ؟”، “لماذا ؟”، “لماذا أنا؟”.
كل من ابتلوا بخسارة ولد، طرحوا على أنفسهم سؤال “لماذا”- حتى لو مات طفلهم في حادث سير على الطريق.
هذا السؤال عن المعنى شائع جداً أيضاً عند الإخبار عن مرض مرعب. يشرح هذا المريض، برونو، ما شعر به :
“عندما أُخبرت عن إصابتي بسرطان الحنجرة، كانت ردة فعلي الأولى :”لماذا أنا، لماذا هذا ؟” ما كان يحدث لي، لم يكن له أي معنى. كنت بحاجة لكي أفهم كي أتآلف مع الأشياء. لم يقدم لي المستشفى أي شرح منطقي، طلبوا مني فقط أن أثبت نفسي في آلة من أجل العلاج الكيميائي”.
ولكن هذا البحث عن المعنى يجب أن لا نستخف به ونصرف النظر عنه بلا مبالاة.
فقد يكون، بالعكس، وسيلة مدهشة للشفاء ولحياة أفضل.
كل الحضارات البشرية أعطت معنى “رمزياً” للأحداث الصادمة – سوء الأحوال الجوية، النكبات، الوفيات، النزاعات…
إنها، من دون شك، حاجة ملحة للكائن البشري – لكل واحد منا.
يقول فيكتور فرانكل، العالم النفسي وطبيب الأعصاب الناجي من معسكر أوشويتز:
“المهم ليس ما ننتظره من الحياة ولكن ما تجلبه لنا الحياة. بدل أن نتساءل إذا كانت الحياة لها معنى، يجب أن نتخيل أنه يعود لنا أن نعطي معنى للحياة كل يوم وكل ساعة”
خذوا هذا المثال الذي رواه أيضاً تييري جانسن :
“أتذكر قصة الشاب تاي نوا من لاوس، الذي شخص الطبيب إصابته بسل رئوي. الشاب، الذي لم يقتنع كثيراً بهذا التشخيص الطبي، توجه إلى المعالج في قريته.
أكد له هذا الأخير أن المرض ليس ناتجاً عن ميكروب ولكن عن واقع أن جد المريض، المتوفى قبل بضعة شهور، استولى على روحه حتى يستطيع العمل في حقول الأرز السماوية ويوفي ديناً لم يستطع تسديده في حياته. بعد أن اطمأن الشاب لكلام المعالج، عاد إلى الطبيب كي يشرح له “السبب الحقيقي” لمرضه. بدل أن يعالج تاي نوا أعراضه الجسدية، يمكننا أن نتخيل أن مجرد معرفته كيف وبسبب من ولماذا كان يبصق الدم، جعلت هذا الشاب يشعر براحة نفسية كبيرة.
كان معنى مرضه بالنسبة له يتجاوز الفائدة التي يحصل عليها شخصياً؛ إنه يدخل في إرادة إصلاح الماضي، إعادة النظام إلى المجتمع وتأمين الدخول إلى المستقبل بشكل سلس”.
قد يبدو لكم معتقد تاي نوا سخيفاً ومنافياً للعقل. لكن لماذا تحاولون التقليل من قيمته إذا كان هذا يريح نفسيته، وهو أمر مهم لشفائه ؟
لماذا تحرمون أنفسكم من القدرات المذهلة للتفكير الإيجابي في الشفاء من الأمراض وفي تحسين الصحة بشكل عام ؟
يمكنكم أن تتقبلوا العلم وأن تتابعوا علاجاتك وفي نفس الوقت أن تجربوا حظكم عندما تنفتحون على “الأسباب النفسية” المحتملة أو على المعنى الرمزي لمرضكم.
ما يمكن أن يفيد أكثر هو حقيقة أن المرض يجعلكم تعيشون اللحظة التي يمكنكم فيها تقييم وجودكم – والنظر إلى ما تستطيعون تغييره لتعيشوا أفضل !
اقرؤوا الجزء الأول: طبيب سرطان يعترف بمسؤولية المشاعر عن الإصابة بالسرطان ( 1 )