إنهم يشكرون الله لأنهم سقطوا ضحية المرض
الأمراض هي فرصة للتغيير في العمق لأنها تقدّم لنا الوقت الملائم للتفكير ولتحديد أولوياتنا.
هنا أيضاً، الشهادات أفضل من المحاضرات المطولة. خذوا حالة رينيه المدير المتقاعد :
“بعد مراجعة ذاتية، أنا أعتبر الذبحة القلبية التي اصابتني هي هدية حياتي. لقد أمضيت عمري وأنا أكافح ضد الحياة. كان عليّ أن أعمل، أنتج، أبدع، أنفذ؛ دائماً أكثر، دائماً أسرع. كنت آخذ عطلتي مرتين في السنة بعد أن أصاب بالإنهاك. ثم أعود لحلقة العمل الجهنمية. عندما يصبح من المستحيل أن أتحمل الضغط، كنت اقول إنني أحضّر للتقاعد، كنت أزعم أنني أحضّر لمستقبل مشرق، كنت أعد نفسي براحة أستحقها؛ ودائماً فيما بعد. حتى اليوم الذي شعرت فيه بألم رهيب في صدري. اعتقدت أنني أموت. لقد كنت قريباً من هذا. اليوم، أتحقق أن خوفي ومعتقداتي كانت هي التي توجّه وجودي. لو كانت صحتي لم تجبرني على هذا، لكنت تبنيت بدون شك أسلوب حياة آخر. لقد ذكرني قلبي بالأولويات”.
مرض صوفي، مثلاً، جعلها تلمس لمس اليد الفرق بين الحياة التي تعيشها وتوقعاتها العميقة :
“منذ أن أصبت بالتصلب اللويحي، وأنا أشعر بالحاجة للعودة إلى الطبيعة. لقد نسيت لأي درجة الطبيعة مهمة بالنسبة لي. وأنا صغيرة، كنت أعيش في الريف. كنت سعيدة. ثم ذهبت للعيش في المدينة. كنت أعتقد أنني سعيدة. لكنني اكتشفت أنني كنت هناك راضية ببساطة. قد تقولون لي إن هذا ليس سيئاً جداً. سأجيبكم أن هذا لا يكفي. أنا بحاجة للطبيعة، لبساطتها، لسلامها، لعنفها أيضاً، لتوازنها، لجمالها. أجهل إذا ما كان مرضي سببه “نقص الطبيعة”، لكنني أعرف أن شفائي ليس ممكناً إلا بفضل “جرعة طبيعة”. وحتى لو لم تساعدني هذه الجرعة على الشفاء نهائياً من التصلب اللويحي، فعلى الاقل سأكون متواصلة مع ما هو أساسي بالنسبة لي”.
إذن لا تترددوا في إعادة تقييم حياتكم، في البحث عن معنى لها (بدون أن تنتظروا قدوم المرض !)
اصغوا إلى المرض
نصيحتنا أن لا تجبروا أنفسكم على البحث بأي ثمن عن معنى مرضكم في أي دليل أو في أي نظرية جاهزة.
ما يهم هو المعنى الذي يلائمكم حقاً.
يعبّر عن هذا الموضوع بحكمة، غي كورنو، الذي توفي حديثاً بعد بضع سنوات من انتصاره على مرض السرطان :
“من المهم أن نصغي إلى معنى ما يحدث لنا، لأن هذا المعنى يساعدنا على أن نعيش. مع هذا، إذا كنتم مرضى وبحثتم عن معنى ما يحدث لكم، لا تجهدوا أنفسكم في محاولة معرفة ماذا أراد هذا المرض بالضبط أن يعلمكم، لأنني رأيت عدة أشخاص يفعلون هذا، فيبقون هكذا أسرى عملية عقلية. برأيي، ليس من الضروري أن يكون هذا المعنى صحيحاً مطلقاً أم صحيحاً نسبياً. المهم هو أن نجد معنى يعكس قناعاتنا، أن نكتشف معنى نشعر بأنه على صلة بأعمق أعماقنا”.
ما يجب أن تعطوه أهمية هو الشعور بأنكم قادرون على التحكم في مجريات حياتكم، ولستم محكومين بأحداث ليس لكم أي سيطرة عليها.
إنها فرصة أيضاً لمحاولة العثور على التوازن الذي تحتاجه صحتكم.
بشكل عام، المرض ليس فقط “خصماً علينا محاربته”. إنه أيضاً رسول علينا الإصغاء إليه.
إذا كان لديكم أنتم أيضاً شهادة بهذا المعنى، لا تحتفظوا بها لأنفسكم، شاركونا إياها في التعليقات.
ننتظر بفارغ الصبر آراءكم وتجاربكم وحكمتكم.
بالانتظار، نترككم مع هذه الكلمات الأخيرة من تييري جانسن :
“إذا اعتبرنا المرض كعدو للصحة الجيدة، سنشعر بالعجز تجاه الخطر بشكل حتمي، سنأخذ دور الضحايا، وسنبذل كل جهودنا محاولين العثور على وسائل للدفاع عن أنفسنا أو لمحاربته.
بالمقابل، إذا قبلنا فكرة أن المرض مظهر من مظاهر الصحة، سنفهم بشكل تلقائي أنه لا يمكن تجنبه، سنكون مجبرين على تحمل مسؤوليتنا عن الأسباب التي أدت إلى خلقه، ونستطيع عندها أن نحاول تجنب ظهوره”.
من “المرض العدو” إلى “المرض الصديق”. من “المرض الذي علينا معالجته” إلى “المرض الذي علينا الإصغاء له”. من “المرض الذي علينا تلقيه” إلى “المرض الذي علينا الوقاية منه”.
اقرؤوا أيضاَ الجزء الأول : طبيب سرطان يعترف بمسؤولية المشاعر عن الإصابة بالسرطان
واقرؤوا الجزء الصاني من هذه المقالة: لماذا أنا ؟ لماذا هذا المرض : المعنى الخفي للأمراض ( 2 )