يبدو للوهلة الأولى أن استعمال نظام المكافآت فكرة جيدة. إنها تشجع الولد على التصرف الذي نحكم عليه بأنه “جيد” أو تحثه بكل بساطة على فعل “ما نقوله له”. لكن لننظر عن قرب كيف تعمل المكافآت… هل هي حقاً فعالة ؟ أي تأثير لها على الولد ؟
المكافأة مؤذية للعلاقة بين الأهل والولد
نحن نقدم عموماً مكافأة للولد لتهنئته على تصرفه أو لتشجيعه عليه.
يطيع الولد لأنه يريد مكافأة : إذا أخذت علامة تزيد عن 15 في امتحان الرياضيات، سنذهب إلى مدينة الملاهي.
المكافأة شيء مرغوب من الولد وهو عادةً ما يكون بحاجة إليها.
يلعب الأهل على هذا النقص وهذه الرغبة من أجل توجيه الولد. هذه الهيمنة تخلق الضغينة وتحطم العلاقة بينهما.
أتحبون أحداً لا يعطيكم ما أنتم بحاجة إليه إلا إذا اتبعتم أوامره ؟ لا أعتقد.
إليكم ما يقوله دكتور توماس جوردون عن هذا الموضوع :” يشعر الأولاد غالباً بالتوتر، بالخوف وبالعصبية على أثر هذا “الترويض على الخضوع”؛ إنهم يكنون أحياناً مشاعر العدائية والانتقام تجاه “مروضيهم”، وغالباً ما يحطمهم هذا جسدياً أو عاطفياً.”
المكافأة مؤذية للتفكير
ليس هناك أدنى شك أننا يمكننا تغيير سلوك أولادنا باستخدام المكافآت. الكثير من الأهل اختبروا هذا التأثير. لكن ما الذي يتعلمه الطفل إذا قلنا له : نظف أسنانك بالفرشاة بعد الأكل فنسمح لك بمشاهدة الرسوم المتحركة ؟ إنه يتعلم أن ينظف أسنانه ليحصل على ما يريد. لكنه لا يتعلم لماذا من المهم أن ينظف أسنانه. في اليوم الذي لا يرغب فيه بمشاهدة التلفزيون أو اليوم الذي سيصبح فيه مستقلاً، لن يعود لتنظيف أسنانه.
المكافأة لا تدفع الولد للتفكير لماذا نطلب منه أن يفعل شيئاً ما، إنها تركز فقط على النتيجة. إنها تجعل الولد يطيع بشكل غبي وأعمى بدون محاولة أن يفهم.
المكافأة مؤذية لتنمية القدرات
نعتقد أن إعطاء مكافأة للولد لتنفيذه رسماً جميلاً سينمي فيه موهبة الرسم. نظن أنه سيكون راضياً وسيقدّر الرسم.
نعم سيكون راضياً، لكن ليس عن الرسم. سيكون راضياً لأنه حصل على مكافأة.
إذا كان الولد يحب أن يرسم لأننا نكافئه على هذا، ففي اليوم الذي نوقف فيه المكافأة، ستتضاءل رغبته في الرسم شيئاً فشيئاً. بالعكس، الولد الذي لا نكافئه أبداً، يحافظ على رغبته.
المكافآة تقتل عملية بذل الجهد في نشاط لمجرد الرغبة في هذا الشيء.
الولد يمتلك رغبة غريزية في فعل الشيء من أجله هو نفسه. إنه يحب أن يساعد، أن يشعر بأنه مفيد وأن يتعلم. المكافآت عديمة النفع. إنها لا تفعل شيئاً إلا تدمير قدراته وتنمية الحسد والغيرة والخداع.
المكافأة تؤذي تقديره لنفسه
الفكرة التي تكمن خلف المكافأة هي إعطاء قيمة للتصرف “الجيد”. لنحاول أن نضع أنفسنا من وجهة نظر الطفل، من خلال هذه القصة القصيرة.
ماثيو ولد يتلقى عادةً هدية صغيرة أو تهنئة على كل ملاحظة. ذات يوم عاد من المدرسة، فخوراً بعلامته 20/16 في اللغة الأجنبية ولكن أمه لم تهنئه ولم تقل له شيئاً. كانت مشغولة بعملها ولم تفكر بتهنئته لكنه لم يعرف هذا. خاب أمل ماثيو وقال لنفسه إنه يجب أن يبذل جهداً أكثر، وأن 16 لم تعد كافية. كان محبطاً وقال لنفسه إنه فاشل في اللغة الأجنبية وإنه لن ينجح أبداً.
الولد المعتاد على تلقي المكافآت، يعتبر عدم تلقيه لها بمثابة عقاب. المكافآت تصبح هكذا مؤذية بالنسبة له كما العقاب، ويمكن أن تجعله يفقد تقديره لنفسه.