لماذا من يرفع صوته أكثر يقود الناس ولو عن غير حقّ؟
الصوت المرتفع يقود الناس
تظهر الأبحاث الجديدة أنّه إذا ما ردّد شخص واحد ضمن مجموعة رأيه بصوت عالٍ فمن المرجّح أن يُعتبر ممثلاً للمجموعة كلها. فهل تريد ألا تكون مسموعاً وأن تكون تابعاً لا يؤخذ برأيك؟ ماذا عليك أن تفعل حتى لا تصبح هذه حالك؟
جلست مجموعة تتحدّث عن الطقس وسرعان ما راح أحد الموجودين يشكو من الطقس الماطر في غير موعده.وقال إن هذا يتناقض مع مسألة الاحتباس الحراري كلها، وأن علماء البيئة يكذبون ويقولون إن البشر يدمرون البيئة ويتسببون بالتغيير المناخي!”
جميع الموجودون كانوا يعرفون أن الطقس الماطر على المدى القصير لا ينفي وجود احتباس حراري. لكن ولسبب ما لم يّعلّق أحد على كلامه.
بدأ كلامه يثير بعض الموجودين لكنهم كانوا يشعرون بالكسل واكتفوا بهمهمة بضع كلمات اعتراض. لكنهم لم يناقشوا ولم يجادلوا.
لم يعلّق أحد على ما قاله الرجل أو يعارضه فظنّ أن الكل يوافقه الرأي، مع أن رأيه لا يقنع الغالبية. لكن لم يعبّر أحد عن رأيه.
تمحورت دراسة نُشرت في مجلة Journal of Personality and Social Psychology حول هذا الوضع بالذات لمعرفة كيف يحكم الناس على الآراء.
وجدت الدراسة أن تعبير ثلاثة أشخاص مختلفين عن الرأي نفسه يمثّل المجموعة بشكل أفضل من شخص واحد يعبّر عن الرأيّ نفسه ثلاث مرات ولكن ليس بكثير.
في الواقع، إذا كرر شخص ضمن مجموعة الرأيّ نفسه ثلاث مرات، فسيترك أثراً يعادل بنسبة 90% أثر ثلاثة أشخاص مختلفين في المجموعة نفسها يعبّرون عن الرأي نفسه. يبدو الأمر غريباً حين تفكر فيه.
ما سبب هذا الأثر؟ إنها الذاكرة! لأن التكرار يزيد إمكانية الاقتناع بالكلام. عندما يكرر شخص ما رأيه، يجعلنا نقتنع بأنه على حقّ.
يعرف المعلنون والأشخاص الذين يحاولون التأثير في الآخرين موضوع هذا البحث وقد استخدموه لعقود. فالتآلف مع الشيء لا يولّد الملل بل يولّد الجاذبية أو الانجذاب. ورفع صوتك هو الطريقة الوحيدة لاطلاع الآخرين على أفكارك وآرائك وإلا سيظنون أنك توافق الشخص الذي يرفع صوته ضمن المجموعة.
وفي السياق نفسه، عندما تقوم منظمة ما بتكرار رأيّ ما ونشره وفرضه علينا، مثل وسائل الإعلام أو شركات الإعلان، فمن المرجّح أن ينتهي بنا الأمر إلى الإعتقاد بأن رأيها يمثّل الرأيّ العام وأنه صحيح ويجب أن نلتزم به. وهكذا تحصل عملية توجيه الرأي العام.
ما العبرة من هذا كلّه؟ إذا لم تكن راغباً بأن تكون تابعاً وغير مأخوذ برأيك، فارفع صوتك وكرّر كلامك!