هل تحتاج حقاً إلى المال؟
المال خادم الأسياد وسيّد الخدّام
المال خادم الأسياد وسيّد الخدّام. المال عامل قلق بالنسبة إلى الشخص الذي لا يملك منه ما يكفي، وعامل توتّر وضغط نفسي بالنسبة إلى من يملك منه ما يكفي. المال مصدر متاعب للكثيرين الذين يغطّون حساباً ليكشفوا آخر.
المال السهل سراب يدير رؤوس جميع الذين لا يملكون منه الكفاية. يشعر محبّو المال دائماً بالقلق وتنتابهم الهموم بشأن تدبّر أمورهم حتى نهاية الشهر. ما هي حقيقة المال وهل تحتاجه حقاً؟
الجميع يتكلّمون عن المال، السيولة، العملة، الملايين، ولكنّهم مضطرّون إلى عدّ القروش المتبقيّة معهم لشراء الخبز في آخر الشهر. « أنا اعمل وأكدح طوال الشهر وأتقاضى معاشاً بسيطاً لا يكفيني إلى آخر الشهر، بينما أحد المذيعين الشهيرين في التلفزيون يقبض ملايين. هل هذا عدل؟»
النجوم يملكون ثروات طائلة ويصرفون المال دون حسبان. هذا ما تؤكّده المجلاّت الفنية التي تُعنى بالمشاهير. إن المال الذي يجب أن يكون وسيلة للعيش أصبح هدفاً وغايةً بحد نفسه بالنسبة لمعظم الفقراء.
كلما زاد ما نجنيه زاد ما نصرفه، وكلّما قلّ ما نجنيه زاد ما نقترضه. الفقراء ليسوا أولئك الذين يقبضون الحدّ الأدنى ولكن أولئك الذين تتجاوز ديونهم إلى حدّ بعيد قيمة مرتّبهم السنوي. يولّد المال الكثير من التعاسة ولا يحقّق الكثير من السعادة عند الذين يستسلمون للحاجات المزيَّفة.
ما ترغب به، لا تحتاج إليه مطلقاً! تذكّر هذه الحقيقة كلّما أخرجت بطاقة الاعتماد أو دفتر الشيكات لتشتري شيئاً إضافيّاً غير ضروري. ما تحتاج إليه، لن ترغب به أبداً.
تنشأ المشكلة من الخلط بين هذين التعبيرين وما يمثّلانه: الرغبة والحاجة.
عندما تعترف لزوجتك أنك ترغب في ممارسة الحبّ فإنك تخطىء في التعبير، إذ إنك بحاجة إلى ممارسة الحبّ لكي تملأ خزّان طاقتك العاطفية وخزّانها هي أيضاً في الوقت عينه. عندما ترغبين في شراء ذلك الخفّ الصيفي الجميل، فأنت في الحقيقة لست بحاجة إليه مطلقاً.
إنّها مجرّد نزوة عابرة، شعور بالفراغ العاطفي يسبّب لك الإحباط وتريدين ردمه في هذا المكان وهذه اللحظة بالذات. إنّ الأمر أشبه بنوبة شراهة استهلاكيّة.
استردّ سيطرتك في مثل تلك المواقف مكرِّراً لنفسك: «ما أرغب به، لا حاجة بي له» . غداً ربما، أو بعد غد! امنح نفسك بعض الوقت، وامتحن رغبتك. قاوم الإحباط والحرمان! هذا إذا استطعت، طبعاً! نصيحة أخيرة قبل أن ننتهي من هذه المشكلة المقلقة: قيمة المال نسبية، فهو لا يساوي إلاّ القيمة التي نعطيها له.