هل علينا أن نسأل طفلنا الموهوب : ماذا تريد أن تفعل في المستقبل ؟(4)
الطفل المتعدد المواهب هو طفل مستعد لأن يضفي لمساته على هذا العالم.
“النقاط الحساسة” التي ينبغي مراقبتها!
حسن، حتى لو اقتنعتم بأن تعدد المواهب أمر رائع، إلا أنّ ثمة نقاط يمكنكم (لا بل عليكم) أن تتنبهوا لها، لاسيما وأنها مرتبطة بمعتقدات عامة سائدة في المجتمع ويمكن أن نميل إلى عدم التنبّه لها.
إليكم إذاً بعض النقاط “الحسّاسة” لدى متعددي المواهب.
سؤاله “ماذا تريد أن تصبح في المستقبل؟”
هذا هو أكبر كابوس يمكن أن يواجهه متعددو المواهب !! الاطفال منهم والبالغون. فكما اشرت سابقاً، ليس لدينا درب واحدة محددة، ونرغب في اكتشاف العديد منها، حسب ما يحلو لنا.
والمشكلة في هذا السؤال لاسيما إذا ما قاربناه ونحن لا نزال صغار جداً في السن، أنه يشير ضمناً إلى ضرورة أن نختار، وأن نختار درباً واحدة.
وهذا كابوس بالنسبة إلينا!
ونجد أنفسنا ضائعين ما بين:
أحب أشياء عديدة، ويتملكني الشغف، ولديّ الكثير من الرغبات وأريد أن أكون حرّاً في اكتشافها كيفما أشاء.
وأشعر أنّ هذا ليس جيّداً وأنّ عليّ أن أختار أمراً واحداً (إنما أيّ واحد؟) وإلا لن يحبّني أحد، ولن يتقبلوني، وسينظرون إليّ باستغراب، ويستبعدوني…
ويولّد هذا الكثير من الارتباك الداخلي وعذاباً كبيراً. بالتالي، لنبدأ أولاً بعدم اعطاء أيّ أهمية لهذا السؤال، وللأجوبة التي يعطيها طفلكم بشكل خاص! فعدم تقبّل أجوبة عدة هو ما يزعج في الواقع.
ويمكنكم هنا إما:
ألا تطرحوا هذا السؤال! (وهذا ما أفعله أنا مع ولديّ. لم أطرح هذا السؤال يوماً على ابني البالغ من العمر 6 سنوات الذي لا ينبغي حتى أن يعرف أنه يستطيع أن يختار مهنة له في المستقبل).
أن تطرحوا السؤال وأن تتقبّلوا كافة الأجوبة التي يعطيها الطفل وأن تقولوا له أنّ هذا الأمر رائع، حتى لو كانت الأجوبة متباينة ومختلفة ولا علاقة لها ببعضها. أظهروا الحماسة عند تلقّي أجوبة متعددة! فاعتقادكم أنّ هذا غير ممكن لا يعني بالضرورة أنّ هذا صحيح!
في هذه الحالة الثانية، يمكنكم أن تستغلوا الأمر لتسألوه عما يحب في كل مهنة من المهن التي يذكرها، لتحددوا ما هي الأمور التي يعتبرها مهمة وليتعلّم أن يعرف نفسه بشكل أفضل. (سيصبح أسهل لاحقاً أن تروا كيف يمكن أن يجمع بين هذا كله، إن رغب في ذلك عندما يكبر لأنّ العالم سيستمر في التطوّر!!)
وثمة حلّ آخر وهو سؤاله عما يحب، وعما يحلم به، عما يسعده ويفرحه، بدلاً من أن تسألوه عن المهنة التي يرغب في ممارستها. فسيتعلّم بهذه الطريقة كيف يعرف نفسه بشكل أفضل وسيدرك أكثر الوجهة التي سيسلكها لاحقاً.
أما بالنسبة إلى الأولاد الأكبر سناً أيّ المراهقين، فيمكنكم ان تقولوا لهم أيضاً أنه من الممكن أن يبتكروا مهنتهم الخاصة (لاسيما في عصرنا هذا).
فبعد استكشاف كل ما يحبون، من الطبيعي أن تتكوّن لديهم فكرة عن امكانية وكيفية تلاقي هذه المجالات كافة. وسيتمكّنون من ذلك بالطبع إذا ما تقبلتموهم وقمتم بتشجيعهم على خوض هذا المسار.
ثقوا بهم! تذكروا أنهم قادرون على الربط بين مجالات مختلفة. بالتالي، ستتبلور الأفكار عن كيفية القيام بذلك بشكل أسرع إذا ما شعروا أنكم تدعمونهم.
إذا وجدتم صعوبة في ذلك، فتذكروا أنّ كل ما ترغبون فيه هو أن يكونوا سعداء ومستقرين ومرتاحين في حياتهم. وإن كانوا متعددي المواهب، ففرض الاختيار عليهم لن يجعلهم سعداء بل على العكس من ذلك.
تابعوا المقالة التالية : حاجتان أساسيتان يجب تلبيتهما للطفل المتعدد المواهب