بأيّ عمر يعي الأولاد فكرة الموت؟ وهل علينا إخبارهم الحقيقة حين يموت عزيز ما

0

بين شهره الثامن وعمر السّنة، تشقّ فكرة الموت: أو «النهاية» طريقها إلى عقل الطفل وذلك عندما يعيش أولى لحظات «أزمة الانفصال» عن الأمّ.

في عمر السنتين، يبدأ الطفل بلفظ كلمة موت في ألعابه، يقول مثلاً: «بوم قتلتك!» ممّا يجعلنا نقلق عليه نحن كأهل ونفكّر: «هل بدأ!» بالطبع، تلك الفكرة الغامضة بالنسبة إليه، تأخذ منحىً شاعريّاً. فهذا الموت هو الموت على طريقة قصص الأطفال، هو يشبه نوماً عميقاً سيوقظنا منه الأمير المنتظر ذات يوم بقبلة أو بكلمةٍ سحريّة: «هيا قمّ الآن! لقد انتهت اللُّعبة!»

عندما يبلغ الطفل عامه السادس، يدرك تماماً أن الموت حدث نهائي: فالميت لا يعود أبداً إلى الحياة. عندها يبدأ بطرح الأسئلة الوجودية. ويسألنا نحن الأهل هذه الأسئلة المحرجة!

في عمر الثماني سنوات، يكتشف الولد بأنّ الموت شامل يصيب الجميع وأنّه هو أيضاً سيموت، لأنّ ذلك قدر كلّ واحد منّا.

بأي عمر نخبره الحقيقة ونعرفه إلى فكرة الموت؟

في جميع الأحوال علينا دائماً أن نخبره بالحقيقة وألاّ ندع أي مكانٍ للشك. لأنّه كلّما تجرّأنا على طرح الموضوع أمامه، لا يعود الموضوع محرّماً ولا يعود الطفل يلجأ كثيراً إلى الحلول الوهمية. بالنسبة لبعض محلّلي النفس، إن إخفاء حقيقة الموت ومنع الولد من حضور جنازة جدّيه مثلاً، يمكن أن يكبّده صدمة نفسية كبيرة. لذا ينصح بأخذ الولد لحضور المأتم (وبالأخص إذا طلب ذلك وكان يبلغ من العمر أكثر من سبع سنوات).
هناك حلٌّ آخر للمسألة، إذ من الممكن مرافقة الولد إلى ضريح الفقيد وذلك بعد وقت قصير على موته. التجارب تسمح له بأن ينجز فترة الحداد.

ناقشوا الأمر معه

حين نتكلّم مع الولد، علينا تحديد الموت على أنّه حدثٌ عام، مثلاً: «جدّ فأرور أو جدّ مومو أو حتّى أرنب يارا بلغوا نهاية حياتهم. جميعنا سنموت، إنّما المسن يرحل قبل الشاب. أما أنت فلديك بعد الكثير من السنين لتعيشها، حياتك لم تنته بعد».
وإذا شعرتم أنّه مكبّل بحزنٍ شديد، فلا تتردّدوا بإخباره بأنّ ذلك ليس خطأه على الإطلاق، لأنّ الأولاد يعيشون في عالم سحريّ، لذلك يمكنهم أن يعتقدوا أن الموت حصل نتيجةً لرغبةٍ منهم. على الأهل أن يؤكدوا «أنّ الموت ليس غلطة أحد لأن الجميع سيموت يوماً ما وتلك سنّة الحياة».
للإجابة عن أسئلته:

  • «هل أنتِ أيضاً ستموتين؟»
    يمكن الإجابة: «آه حبيبي! لدي الكثير من الوقت بعد لكي أعيش، أنا وأنت سنبقى معاً لوقتٍ طويل بعد! فعندما تحين ساعتنا نكون قد كبرنا كثيراً في العمر. لا تقلق، لأننا سنقضي العديد من السنوات معاً». أو بإمكاننا القول: «حين تنتهي حياتي، ستكون أنت قد كبرت وأصبحت شخصاً مهماً ولا تحتاج إليّ كما الآن!».
  • وإن سأل: «ماذا يحصل عندما نموت؟»
    حين نكون مؤمنين تكون الإجابة أسهل، لأننا نستطيع عندئذٍ أن نتكلّم عن خلود الروح. أما إذا كنتم من غير المؤمنين، فبإمكانكم أن تتحدثوا عن ذكرى الراحل وعن إبقائها حيّة من خلال الحديث عن المتوفى مع الآخرين. ونقول له مثلاً: «لقد مات جدّك إنّما ستفكّر به دائماً وسيبقى حيًّا في داخلك. لقد علّمك الكثير من الأشياء وقد كنت محظوظاً جداً لأنك عرفته خلال حياته».
    تجنّبوا القول مثلاً: «لقد ذهب في رحلة طويلة» أو «هو فقط يغطّ في نومٍ عميق!». علينا ألاّ نستعمل أبداً تلك العبارة في عمر يمكن فيه للولد أن يصاب بقلقٍ مخيف جرّاء ذلك فيعتقد أنه إذا نام فقد لا يستيقظ أبداً!

اترك رد