كل ما نسعى إليه هو لمصلحتهم
حين يصرخ أحد الوالدين على طفله فهذا يعني أنه ليس لديه أي خيار آخر. أطفالنا لا يصغون إلينا، يرتكبون الأخطاء، ويبدو الأمر كأنهم يتحدوننا معظم الوقت. نحن نعلم أنهم ما زالوا صغاراً وأننا أهلهم. لكن يبدو أنهم يجهلون ذلك تماماً.
فهم يستهزئون بسلطتنا كوالدين، لا يصدقوننا، يريدون أن يتأكدوا بأنفسهم أن النار تحرق، أو أن درجة الحرارة توازي فعلاً -10 درجات مئوية في الخارج قبل ارتداء المعطف!
على الرغم من ذلك، لا نريد سوى ما هو لصالحهم! كل ما نطلبه منهم هو:
- أن يخلدوا للنوم باكراً كي لا يشعروا بالتعب في اليوم التالي (وأيضاً كي نحظى ببعض الهدوء، لكن دون جدوى!).
- أن يتناولوا الطعام كي يصبحوا كباراً وينموا جيداً (وكي لا نكون قد أعددنا وجبة الخضار المسلوقة تلك دون جدوى!)
- وأن يرتدوا ملابسهم للذهاب إلى المدرسة (لأن الذهاب إلى المدرسة بملابس النوم أمرٌ محرجٌ جداً)
- أن يغتسلوا لأن الأمور تجري بهذا الشكل!
الخلاصة وبشكل مختصر هل نحن مجبرون حقاً على تبرير كل شيء؟… ألا يمكن لطفلنا أن يقول “حاضر ماما” أو يوافقنا الرأي لمرة واحدة في حياته.
عندما نتعب من عدم قدرتنا على جعل الطرف الآخر يفهمنا، نبدأ برفع صوتنا وبالتهديد وننتهي بالمعاقبة لأننا بكل بساطة لا نملك فكرة عن أي حل بديل لهذه الأزمة.
أن تكوني أماً أمرٌ محبطٌ للغاية
أن نريد الخير لأحد يرفض كل محاولاتنا لمساعدته ويرفض نصائحنا هو أمرٌ محبطٌ للغاية. أطفالنا لا يوافقون على ما نختاره لهم، ويطلبون الأمور التي نمنعهم عنها باستمرار، كاللعب مثلاً، يريدون اللعب باستمرار ولا يريدون شيء سوى اللعب (كأنهم لا يفكرون سوى باللعب. أليس الأمر كذلك؟)
بهذه الطريقة تتحول بسرعة علاقة من المفترض أن تتسم بالانسجام وأن تكون مليئة بالحب والتفاهم المتبادل إلى سلسلة نزاعات وجدال وصراخ وتهديدات:
- “إن لم تقم بالاغتسال لن أسمح لك بمشاهدة التلفاز!”
ومن ثم يبدأ الطرف الآخر:
- “إذا أطفاتِ التلفاز، سأصرخ حتى صباح الغد”.
وعندما نضيف إلى ما سبق ضغوطات الحياة اليومية، العمل، الهموم، التعب، تحضير وجبات الطعام، تنظيف فضلات القط. سرعان ما نجد أنفسنا غارقين تماماً في حياة لا تشبه أبداً تلك التي حلمنا بها. فيزداد صراخنا ونعاقب أطفالنا أكثر فأكثر إلى أن يتحوّل الأمر من سيء إلى أسوأ…!
إن الوالد (أو الوالدة) الذي يصرخ لا يقوم بهذا التصرف من أجل المتعة أو انطلاقاً من مبدأ يلتزم به.. الوالد الذي يصرخ وصل إلى مرحلة الانفجار لأنه لم يعد باستطاعته التحمل، لأنه استنفد كل احتياطات الصبر المتوفرة لديه. الوالد الذي يصرخ على طفله هو شخص “يصرخ لطلب المساعدة”.
بإمكانك اتباع طريقة أخرى
إذا كنت أحد الأهل الذين يعاقبون أطفالهم (والذين يشكلون الغالبية العظمى من الناس) وإذا كنت تعترف أن هذه الطريقة “ليست فعالة ولا رائعة”، فنحن نهنئك.
نعم، إدراك أن ما نقوم به لا يناسبنا هو الخطوة الأولى نحو التغيير. ولتتأكدوا من قناعتكم هذه، اعلموا أنكم كل ما عاقبتم الطفل كلما شعر بأنكم لا تفهمونه، وبالتالي ستزداد علاقتكم المستقبلية ببعضكم تدهوراً.
الفكرة هنا تقتصر على أنه من الممكن بناء علاقة قائمة على الثقة لا على فرض الأوامر والسلطة.
فإذا لاحظ الأطفال أنكم تمنعونهم فقط عن الأمور التي تشكل خطراً عليهم، لن يحاولوا مقاومة ما تطلبونه. بل سيثقون بكم. وسيفكرون بالطريقة التالية “لقد تم منعي عن هذا الأمر لأنه خطير” بدلاً من التفكير بالتالي “لقد تم منعي عن هذا الأمر: كيف سأنجح في القيام به على الرغم من ذلك؟”
أن تجعلوا أطفالكم حلفاءكم أمر سيجعل حياتكم أسهل بكثير. فالتعاون يعطي نتيجة أكثر من الطاعة. وهو وسيلة رائعة وترضي جميع الأطراف.