ما قصة النزوات والغضب والرغبات عند أطفالنا؟
ما قصة النزوات و الغضب و الرغبات::
يصعب في عصر الاستهلاك المفرط الذي نعيش فيه ألاّ نشعر برغبة في شراء سيارة أو لوحة أو قرص ممغنط. والأولاد الذين لا يجيدون بعد التحكّم برغباتهم، يعجزون غالباً عن مقاومة الإغراءات. وهذا ما يعرفه حق المعرفة كل والد ووالدة ذهبا للتسوّق برفقة ولدهما!
تربية الرغبة
إذا ما حققنا النزوات للطفل على الفور، لا نستطيع إفهامه أهمية رغبته. تشير المحللة النفسية كريستيان أوليفيه إلى «أنّ ثمة تربية للرغبة وهي أساسية. لا يتجرأ العديد من الأهل اليوم على معارضة أولادهم، وعلى رفض طلباتهم وعلى قول كلمة «لا». إلاّ أنّ هذا ضروري! فإذا لم نقف في وجهه، لا يمكن للولد أن يدرك قيمة رغبته، ما يفسح المجال أمام ظهور أجيال من الأولاد المتراخين الذين يعجزون عن اتخاذ قرار بشأن حياتهم، أولاد لا يرغبون في مفارقة أهلهم ولا يعرفون أيّ مهنة يختارون».
إذا خرجتِ للتسوّق معه، فكوني واضحة منذ البداية : «ليس لديّ ما يكفي من المال لهذا يمكنك أن تتفرّج، لكني لن أشتري لك شيئاً».
لا تضعفي أمام الطلبات المتكررة. لتكن نبرتك حازمة إذ سيبقى الولد مصراً حتى تلبي رغبته إذا ما أحس بأيّ تردد في صوتك.
اعلمي أنّ الطفل يحزن ويشعر بالتعاسة عندما نلبي رغبته فوراً. وكيف لا يشعر بالخيبة؟ فقد حوّلنا رغبته، الغرض الذي يشتهيه، إلى غرض عادي. في غضون خمس ثوانٍ، وبمجرد «شراء» ما يرغب فيه، انتقلنا من الحلم إلى الواقع. وهذا الواقع يخيب الأمل حكماً لأن أجمل غرض في العالم لا يمكن أن يقدّم إلاّ ما لديه! بعد تقليبه وأكله والنظر إليه وتأمله من كافة الجوانب، سيرغب الطفل في شيء آخر.
في كتابها {Tout est langage} ، تتحدث فرانسواز دولتو عن حالة «طفل السكاكر». الطفل الذي يطلب قطعة سكاكر، غالباً ما يفعل هذا كي نتحدّث إليه، وبحثاً عن الحب والعاطفة.
وتكتب دولتو «من المثير للاهتمام أن نرى، إذا ما قلنا للولد: «وكيف هي قطعة السكاكر هذه؟ هل هي حمراء اللون؟»، وتحدّثنا عن طعم قطعة السكاكر بحسب لونها؛ يمكننا حتى أن نرسم قطع سكاكر. وسينسى الطفل أنه أراد تناول قطعة السكاكر. لكن يا له من حوار جيد أجراه حول قطعة السكاكر! ويا لها من لحظة ممتعة أمضاها!» لقد تذوّق الطفل قطع السكاكر الخيالية.
وفي السياق نفسه، راقبي ولداً في الخامسة أو السادسة من عمره يتصفح لساعات كتيّبات الألعاب. ألا يشعر بسرور عظيم في لحظات الحلم هذه؟
اقترحي عليه أن يحفظ الفكرة: «صحيح أنّ هذا جميل جداً. سأتذكره لعيد ميلادك أو لمناسبة أخرى. أنت أيضاً حاول أن تتذكر..».
عندما تتجولين في السوبرماركت معه أو عندما تمران أمام متجر ألعاب، سيسره أن «يحفظ» الفكرة، أي أن يوضّبها في متجره الخاص للرغبات السرية أو النزوات. رغبات يمكن أن يخرجها ويتذوقها ويمكن أن يحلم بها إلى ما لا نهاية.. أو على الأقل إلى يوم ميلاده أو يوم «المفاجأة» التي قررتها له.
معلومات عن الغضب
إذا ما كان الأولاد في سن الثانية يتميّزون بثورات الغضب، فإن هذه الثورات قد تستمر حتى سن الخامسة أو السادسة. وهي غالباً ما تظهر في المتاجر أو في الحديقة العامة أو في مكان عام حيث يعلم الطفل أنّ موقفك فيه أضعف منه في المنزل.
يشرح ت. بري برازلتون وهو أستاذ في جامعة هارفرد، كيف تواجهين غضب طفلك. يرى طبيب الأطفال الشهير أنّ الحل الأمثل يكمن في تجاهل هذا الغضب تماماً. وهذا صعب طبعاً، «لكن الأهل يطيلون غالباً نوبة الغضب في محاولتهم حلّها».
ويمكنك إذا ما حصلت نوبة الغضب في المتجر «أن تأخذي الطفل وترجئي عملية التسوّق. عودي نحو السيارة (أو إلى الشارع) ودعيه يخرج غضبه في أمان تام. بعدئذ، احمليه بين ذراعيك وتعاطفي معه. قولي له: «أن يشعر الإنسان بالغضب أمر فظيع أليس كذلك؟»
ناقشوا الأمر معه
فكر في الأمر: كلما رأينا ألعاباً، كلما رغبنا في الحصول عليها، أليس كذلك؛ لا بد أنك شعرت بالرغبة في الحصول على ثلاث، ست، اثنتي عشرة، خمس عشرة لعبة. فهناك الكثير منها! لكن من المستحيل أن تحصل عليها كلها. عليك أن تختار.