كيف نعلم الطفل ضبط النفس وما أهميته للتحكم بنزواته الآن ومستقبلاً ؟
ضبط النفس: هو القدرة على تأجيل تلبية رغباتنا وحاجاتنا
قالت إيزادور ابنة الخمسة أعوام «ماما أنا عطشانة. أريد ماء». ردت الأم: «في محطة البنزين التالية. سأركن جانباً وعندها يمكنك أن تشربي». «أريد أن أشرب الآن، الآن». ردت الأم بهدوء وهي تنظر بطرف عينها إلى المرآة أمامها: «آسفة عليك أن تصبري قليلاً».
إيزادور منزعجة لأنها عطشى ولكن عليها أن تتعلم كيف تتحمل هذا الانزعاج كجزء لا مفر منه في الحياة. عندما نحاول أن نبقي الأولاد بعيداً عن المرور ببعض التجارب، نحول بذلك بينهم وبين تنمية المرونة، فيكبرون معتقدين أن على الحياة أن تتكيف معهم لا أن يتكيفوا معها. علينا كأهل ومعلمين أن نعرف أنه كلما كان أولادنا أقل تكيفاً مع التجربة، زادت حياتهم صعوبة.
لماذا يعتبر ضبط النفس على هذه الدرجة من الأهمية؟ لأن ضبط النفس يسمح لنا بالتحكم بحياتنا بدل أن تتحكم بها رغباتنا ونزواتنا. إنه يسمح لنا أن نراقب الوضع وأن نحدد ما هو الأفضل لنا.
ضبط النفس: هو التفكير ملياً قبل الإقدام على العمل ومعرفة كيفية التمييز بين ما ترغب فيه و بين ما هو ملائم لك في أي وضع معين كان
اتهم براد النادل في أحد المطاعم ظلماً بأنه لم يخدم زبائن هامين للمطعم كما يجب. صاح صاحب المطعم به في المطبخ وهدده بالطرد من العمل. شعر براد بالسخط وأراد أن يدافع عن نفسه ولكن لأنه يعرف جيداً طبع صاحب المطعم الناري قرر أن ينتظر حتى يهدأ صاحب المطعم. عض على شفته وكظم غيظه.
بعد ساعة عندما هدأ رئيسه وأصبح في مكتبه وحده، اقترب براد وشرح له ما حدث.
يعمل براد في هذا المطعم منذ سنوات ويعرف صاحبه جيداً. إنه أيضاً يأخذ بالحسبان أنه يعتمد على هذا العمل لإعالة زوجته وأولاده الثلاثة. ورغم شعوره بالسخط والغضب، نظر إلى الوضع بشكل مباشر وقرر ما هو الأفضل لنفسه. كبح جام غضبه ليحمي عمله. على الفرد منا أن يبدأ منذ الطفولة بتنمية القدرة على كبح نزواته عندما يجد أن العواقب قد تكون وخيمة.
كان فيليب ابن الثلاث سنوات غاضباً من أخته البالغة من العمر سنة ونصف لأنها عضت لعبته فانتزع قطعة خشبية وأراد أن يضربها بها على رأسها. أسرعت الأم وأمسكت ذراعه: «أعرف يا فيليب أنك غاضب من أختك ولكن عليك ألا تضربها»
لقد تعاطفت هذه الأم مع مشاعر ابنها، معترفة بحقه في الغضب ولكنها أعلمته أن أذية أخته عمل مرفوض. عندما كبحته، ساعدته أن يدرك أن عليه أن يكبح جماح غضبه مع أنه يشعر أن أخته أساءت إليه بما فعلته. الرسالة واضحة: الغضب مسموح أما الأذية فمرفوضة. وشيئاً فشيئاً سيفرض الأهل الحدود على الأولاد لمساعدتهم على تنمية ضبط النفس.
ضبط النفس: هو كبح الذات ليكون الشخص قادراً على اختيار عدم أذية الآخرين
فرانسيسكا ابنة الخامسة عشر عاماً غاضبة من أختها لأنها استعارت كنزتها المفضلة بدون إذنها وأعادتها متسخة بشكل كبير: «ماما أختي بدينة، مقرفة فقد أوقعت الطعام في كل مكان في الكنزة. انظري ماذا فعلت بكنزتي. سأقول لها إنها خنزيرة»
«حسناً أتفهم ما تشعرين به. أعرف أنك تحبين هذه الكنزة كثيراً ولكن تذكري أن أختك حساسة جداً على وزنها الزائد. إذا ناديتها «بدينة أو خنزيرة» فستؤذين مشاعرها.
«إنها تستحق ذلك» أجابت بذلك فرانسيسكا وخرجت من الغرفة.
انتظرت فرانسيسكا أختها حتى عادت وعندئذ اكتفت بالقول لها: «لماذا لم تأخذي إذني أولاً ولماذا لا تكونين أكثر حذراً عندما تأكلين؟ عليك أن تدفعي حتى أرسلها ليتم تنظيفها»
نقدر جميعاً على الأذية، وهذا ليس سراً. ومن يعتقد أنه لايقدر على ذلك فهو يضحك على نفسه. ولكن لدينا القدرة على الاختيار. وكلما أصبحنا أكثر وعياً بتأثيرنا في ما حولنا، أصبحنا أكثر قدرة على تحمل مسؤولية ضبط أفعالنا وكلماتنا.
إذا رغبنا في تعليم أولادنا مراعاة مشاعر الآخرين والتعاطف معهم، علينا أن نكون نحن قدوة حسنة.