هل أنتم أهل متساهلون طيعون يتركون لأطفالهم اتخاذ القرارات؟
هل أنت أهل متساهلون:
الأهل المتساهلون أشبه بجسد بدون عمود فقري.. فلكثرة ما تلقوه من معلومات نفسية وتربوية عن الأذى الذي قد يلحقونه بابنهم، باتوا مصابين بترقق عظمي عاطفي بحيث تآكل شعورهم بالسلطة واندثر. ولأنهم باتوا يشعرون بعدم الأمان وبالخوف من ارتكاب الأغلاط وأذية أطفالهم، تراهم مرعوبين من اتخاذ القرارات. ولأنهم يتخلون عن سلطتهم كأهل، تجدهم يريدون إما مشاركة المسؤولية مع أولادهم أو تسليمهم القرارات بشكل كامل.
سنرى هنا صفة أخرى من صفات الأهل الطيعين الهلاميين: الجبن. الجبن يقود الأهل إلى التخلي عن مسؤولياتهم وإحالتها إلى الأولاد.
إليكم أمثلة حية:
أوليفر في محل لاستئجار أفلام الفيديو. أراد أن يستأجر فيلماً من أفلام Halloween . قالت له أمه: «إنه مخصص للمراهقين وأنت في التاسعة فقط من العمر». لم يصرّ أوليفر على استئجاره بل بدأ يصرخ قائلاً إن جميع رفاقه قد شاهدوه وإن أهله لا يسمحان له بمشاهدته. وبسبب انزعاج الأم من هذا المشهد الذي قام به ابنها استأجرت له الفيلم ولكنها حذرته قائلة: «لا تتفوه بكلمة إذا لم تستطع النوم بسببه». لاحقاً عجز أوليفر عن النوم بسبب الفيلم وأصر أن تترك أمه أضواء الغرفة مضاءة في غرفة نومه. في الساعة الثالثة ليلاً جاء أوليفر إلى غرفة والديه قائلاً إنه يرى كوابيس. فقالت له أمه وهي تفسح له مجالاً لينام على سريرها: «قلت لك إن هذا ما سيحدث ولكنك لم تسمع الكلمة».
يتخلى الأهل المتساهلون عن مسؤولياتهم ويحيلونها إلى أولادهم تجنباً للصراع أو خوفاً من فرض سلطتهم والظهور بمظهر الأهل المتسلطين. هم يريدون إسعاد أولادهم وإمتاعهم ويخشون أن يفقدوا تعلّق أبنائهم بهم. يعتقدون أنهم ملزمون بالشرح المطول حتى يقنعوا أولادهم بتغيير رأيهم، ولكن ينتهي بهم الأمر بأن يتوسلوا إليهم وأن يبرموا معهم الصفقات. الأمر واضح بالنسبة للولد: من هو المسؤول ومن يتخذ القرارات.
نموذج آخر
«يا تيم! الطقس بارد في الخارج. لذا عليك ألا ترتدي سروالاً قصيراً(شورت). ارتد بنطلوناً طويلاً وجاكيت». بعد ذلك نزلت الأم لتهيئ الفطور وفيما بعد يدخل تيم مرتدياً «شورت» وكنزة قطنية خفيفة. «اسمع. ستصاب بالإنفلونزا إن لم ترتد ثياباً تدفئك. أتذكر إلى أي درجة كنت مريضاً منذ أشهر قليلة وأنك كدت تصاب بذات الرئة. أتذكر ايضاً ما قاله الدكتور غرايفز…» وأكملت الأم شرحها الطويل وراحت في هذا الوقت تحاول الاتصال بالطبيب. ولكن لم يكن لدى تيم أقل نية في تغيير ثيابه. ولم يلبث أن أخذ البوظة من الثلاجة».
يظن الأب أو الأم المتساهلان أن اتخاذ القرار أشبه بالبطاطس الحارة التي تحرق اليدين. لذا تجد الواحد منهما يتخلى عن مسؤولياته في أول فرصة.
أرادت روبرتا ابنة الثلاثة عشر عاماً الذهاب إلى البحيرة. «من سيبذهب غيرك؟» «الجميع يا بابا» «لا، أنا أقصد من الكبار. الأفضل أن تسألي أمك». تهرع روبرتا إلى غرفة الجلوس لتسأل أمها المنشغلة بكتابة رسالة: «أيمكنني الذهاب إلى البحيرة اليوم؟» «لا أعرف. أليست هذه البحيرة التي غرق فيها ذاك الولد العام الماضي؟ دعي والدك يقرر». تعود روبرتا إلى والدها. «قالت ماما OK . لا مشكلة». يجيبها والدها بدون أن يزيح بصره عن التلفاز: « OK ! ما دامت أمك موافقة فأنا موافق».
لا شك أن شجاراً سيقع لاحقاً بين الوالدين عندما سيكتشفان أن ابنتهما خدعتهما. ليست روبرتا غبية ولكن هل نلومها على استغلال الوالدين المترددين اللذين يلقي كل واحد منهما المسؤولية على الآخر لئلا يتحملا التبعة والعواقب لاحقاً؟.
أن نكون أهلاً فهذا يعني تحمل المسؤولية والتعرض لارتكاب الأغلاط.