“ابني مش فالح” : حين تنكر الأم مسؤوليتها وتتنصّل منها

0

«لن يتوصل ابني إلى فعل أي شيء أبداً»، «ابني مش فالح »:
رومان (10 سنوات)، ولد ذكي وحادّ الذهن، لكنّ جميع قدراته ومواهبه تعمل ببطء. فهو بارع جداً في فن الكسل. ونظراً إلى السهولة التي يجدها في التعلّم، فهو لا يبذل أي جهد في الصف، ما يغيظ معلمته ويحزنها. وقد وبّخته أمه مراراً بسبب هذا التصرّف ولكن من دون جدوى. هذه هي المرّة الثالثة هذه السنة التي تستدعيها فيها المدرسة. فقد طلبت المديرة مقابلة أخرى مع والدَي رومان. حضرت أمه وحدها للمقابلة بصحبة ابنها:

  • لا يزال رومان يشرد في الصف، سيدتي. إنه يحلم ويثرثر مع رفاقه أو يقوم بأي شيء عدا متابعة الدرس.
  • هذا يؤسفني حقاً، سيدتي المديرة. لقد قلت له أكثر من مئة مرّة أن عليه تغيير طريقة تصرّفه! إنه يعلم جيداً إن عليه التصرّف كتلميذ جادّ ومجتهد. إني أقول له ذلك باستمرار.
  • هل ينجز فروضه في البيت؟
  • نعم، نعم، سيدتي.
  • هل هنالك من يبقى إلى جانبه لمساعدته؟
  • أنا أعمل خارج البيت. لا يمكنني إعالة ولدَيّ بالنفقة التي يدفعها لي زوجي. الحاضنة التي تأخذه بعد الظهر من المدرسة هي طالبة جامعية تساعده عند الحاجة.
  • هذا ليس كافياً على ما يبدو، سيدتي. فروض ابنك لا تُنجز بالشكل الصحيح ولا تُنجَز دائماً. رومان لا يصغي إلى ملاحظات المعلّمة، أمّا بالنسبة للتوبيخ، فلا يبدو أنه يتأثّر به إطلاقاً.
  • “ابني مش فالح” .. لن يصل ابني إلى شيء أبداً، سيدتي المديرة. يجب البقاء دائماً وراءه. إنه لا يفعل إلاّ ما يشاء هو! إنه ولد غير مسؤول ولن يفلح!
إنكار الأم وتنصلّها من المسؤولية

يا لها من لكمة قوية! هذه الكلمات التي قذفتها الأم في وجه ابنها قد طرحته أرضاً، وهو أمر لم يسبق لها أن فعلته. حاول الولد النظر في عينيها، لكنّها تجاهلته. فكيف لها إذاً أن تحصل على ما يرضيها ويسرّها من ابنها؟ كيف يمكن لأحد أن يحقّر ولده ويزدريه إلى هذا الحد في وجوده، ويتصرّف وكأنّه غير موجود؟ هذا قتل عاطفي. هذا التصرّف دمّر بلحظة واحدة العرش المرتفع الذي يضع الولد فيه أمّه. إنه إنكار للأمومة. لم تتحمّل والدة رومان مسؤوليتها كأم. فالأم تحمي ولدها بكل ما أوتيت من قوة. أمّا أمّه فقد اختارت الانضمام إلى الفريق الآخر، الفريق الخصم. لقد أنكرت ولدها أمام شاهد، والأسوأ من ذلك أنها خانته. وخيانة الأم مدعاة لفسخ العلاقة بينها وبين ولدها.

انتبهوا، فالكلمة يمكن أن تخبّئ وراءها كلمة أخرى

لولا حضور الولد لاختلفت عواقب هذه الجملة. فالخطر ليس في الجملة بحد نفسها ولكن في أن أمّاً قد نطقت بها فأنكرت ولدها في حضوره. هي لا تعرف كيف تتعامل معه.
لم يكن هناك من دليل للاستعمال مع هذا الولد الذي لا يشبه في شيء الولد المثالي الذي كانت تحلم به. وبما أنها لا تفهم طريقة «تفكيره» فهو بالطبع «لن يصل أبداً إلى أي شيء!»، هذه الصيغة هي إذاً اعتراف بعدم الكفاءة التربوية.

اختيار الكلمات

إذا اعترفتم بمسؤوليتكم في فشل دوركم كمربّين، نَفَضتم عنكم ذنب القتل المعنوي الذي تسببتم به لولدكم من جرّاء اختياركم الخاطئ للكلمات. ابدأوا بحوار مع ولدكم تحت إشراف طبيب نفسي مختصّ! اعترفوا بذنبكم، وقولوا له أمام شهود إنكم تحبّونه وتأسفون لما اقترفتموه بحقه. دافعوا عنه في جميع الظروف والمناسبات، حتى وإن كان على خطأ. إنه ولدكم، ومستقبل حاضركم. لا تُلبسوه رداء نقائصكم وتقصيركم! يكفي أحياناً بضع كلمات صادقة لتغيير وجه العالم. إذا كان لديكم إحساس قاتل بأنكم لم تتوصّلوا إلى شيء في حياتكم، فلا تدفنوا مستقبله هو. لا تفسدوا عليه حياته لمجرد أنكم لم تحقّقوا أحلام طفولتكم في حياتكم.

اترك رد