عندما يرفض الطفل إلقاء التحية على الغرباء : هل يعني أنه قليل التهذيب
إلقاء التحية:
«قل صباح الخير للسيّدة!» «سلِّم على السيّدة»
ما السبب الذي يدفعكم لتطلبوا من ولدكم الترحيب بتلك السيّدة و إلقاء التحية عليها؟ فالولد الذي يرفض أو ينسى قول صباح الخير أو إلى اللقاء لا يفعل ذلك لمضايقتكم، لكنّه يترجم فقط، وبصورة لا إرادية، انزعاجكم الخاص بين الناس وحتى نفوركم غير المعلن من أشخاص معيَّنين.
فولدكم يتصرّف وفقاً لتجربتكم الخاصة أو ما تشعرون به أنتم، فهو في النهاية نسخة مصغَّرة عمّا تمثّلونه في نظره. إذا كنتم أشخاصاً اجتماعيين، فإن ولدكم سيلقي التحية تلقائياً على السيّدة. وإذا كانت السيّدة المذكورة لا تعجبكم، فسيرفض ولدكم إلقاء التحية عليها.
ما الموقف الذي يجب اتخاذه؟
لا تقولوا له: «قل صباح الخير»، ولكن قدّموا ولدكم إلى السيّدة مهما يكن سنّه («أقدّم لك ابنتي شارلوت»)، إذا كانت لا تعرفه، ودعوا السيّدة تقوم بالخطوة الأولى. إذا تراجع ولدكم إلى الوراء عند اقتراب السيّدة منه لتقبيله، اقترحوا عليه أن يمدّ يده للمصافحة. أمّا إذا كان على معرفة مسبقة بالسيّدة ويرفض إلقاء التحية عليها، فلا تجبروه على ذلك. ترفض ابنتي الصغيرة (سنتان ونصف) في كل مرّة تقبيل الغرباء. وأنا أؤيّدها كليّاً (انظر القبلة، ص64). فالقبلة الاجتماعية تعبير عاطفي وليس مجرّد عادة روتينية. وبما أن للتحية الشفهية نفس القيمة بالنسبة للولد، فلا تجبروه على الخضوع لعادة متوارثة من باب اللياقة تجاه أشخاص لا يعنون له شيئاً. فالولد لا يحيّي إلاّ أقرانه أو الذين يستلطفهم ويرفض إلقاء التحية على الأشخاص الذي يحسّ بأنّهم يتهدّدونه. ثقوا بحسّه الاجتماعي فهو لم يبلغ بعد درجة الرياء مثل حسّكم.
الاعتراف الاجتماعي
عندما تصبح التحية أمراً إلزامياً يتضح لنا أن الوالد (أو الوالدة) الذي يفرض على ابنه إلقاءها، يسعى بشكل خاص إلى إبراز نفسه والمحافظة على صورته الاجتماعية. فرأي الآخرين وحكمهم عليه يحدّدان تصرّفاته. ليس الوالد كوالد هو الذي يفرض على ولده إلقاء التحية، بل هو الكائن الاجتماعي الذي يسعى لتجنّب حكم الآخرين السيّئ عليه: «يا له من ولد عديم التهذيب! أباء اليوم يتغاضون عن كل شيء!». هو الكائن الاجتماعي الذي يسعى إلى أن يعترف به نظراؤه: «كم هي جميلة ومهذّبة!». فتصبح الصورة التي يتركها الطفل لدى الآخرين أكثر أهمية من شخصه هو، فتلقين فنّ الخبث هذا يضع الولد على طريق الخضوع والانقياد والاستسلام. والخبث هنا هو في الطريقة التي يتعلَّم بها الولد التهذيب واللياقة. عبارة «قل صباح الخير» تشير إلى أن الولد يجب أن يطيع، حتى وإن كان غير راغب في إلقاء التحية على الشخص المزعج الذي يكشّر في وجهه مدّعياً اللطافة.
موقع التربية الذكية يشكر لكم متابتعه