ليس من السهل التحدث مع اطفالنا عن الموت
انا لست من النوع الذي يتهرب في الحياة. حتى انني شخص شفاف جدًا. عندما سألني ابني من أين جئنا، نحن البشر، شرحت له من اين يأتي الأطفال، دون أي تردد، كما أعتقد…
ولكنني اجد صعوبة في المفاهيم الأكثر تعقيدًا، والبعيدة عن الأمور النظرية. كالموت… انه موضوع غامض بالنسبة لي، فكيف سأتمكن اذًا من شرحه لأطفالي؟
أذكر مرة حين كان ولدي يتحدث عن موتي وكأنه لا شيء، دون ان يفهم الموضوع حقًا. وعندما قلت له إنه بعد موتي لن نرى بعضنا مرة أخرى، كان على وشك الانهيار واجهش بالبكاء.
وأدركت بسرعة انه قبل أن أتمكن من استيعاب المفهوم ككل، يجب أن أمهد الطريق لذلك. يجب أن أجد طريقة لكي أكتب مقدمة لذلك الشرح المطوّل الذي سيتناول موضوع الموت.
لقد قلت لنفسي أنه بإمكاني أن أبدأ من الأساس، وأن أجعله يفهم الجانب الزائل من الحياة. سمكتان حمراوان و حوض اسماك، لقد وضعت الخطة قيد التنفيذ، وكل ما يجب فعله هو ان ادع الوقت يتصرف.
هل سبق لكم ان رأيتم اسماكًا حمراء تعيش لأكثر من سنة!؟ وانا الذي ظننت أنني اشتريت حلًا سريعًا… ولكن، انتهى بها الامر بالموت. وتمكنت من أن أفسر لإبني ما سيحدث للسمكتين . لقد ودعناهما الوداع الأخير. وهذا يشبه قليلًا ما يحصل معنا ايضًا، باستثناء ان البشر، أنفسهم، نحن لا نتخلص منهم في سلة المهملات.
ولم نتحدث عن هذا الموضوع مجددًا منذ ذلك الحين. انه يتحدث معي عن سمكاته احيانًا، ولكن ليس عن موتها. واعتقد أن هذا مؤشر جيد. حسنًا، ان حقيقة أنه بإمكاننا ان نذهب لشراء سمكات اخرى من زاوية الشارع قد تساعد قليلًا، ولكنني قلت لنفسي إنني على الاقل قد زرعت المفهوم في ذهنه. لقد فتحت بابًا صغيرًا سأستخدمه لاحقًا، حين لن نستطيع التعويض عن خسارتنا.
ولكن قبل الموت هناك الحياة
كان عليّ مؤخرًا ان اقوم ببعض الاجراءات والفحوصات الطبية، لا شيء مهم وكان كل شيء على ما يرام. الا انه رغم ذلك شغلت هذه الفحوصات تفكيري وانتابني الوسواس وبدأت أتخيل سيناريوهات سيئة.
وذلك ليس بسبب الخوف من الموت. لست انا من اخاف. وخاصة منذ ان أصبحت أبًاً. أنا لا اخاف من الموت “الطبيعي”، الذي يأتي بعد عمر الستين، انني اخاف أن اموت غدًا ويفوتني كل شيء. حتى لو كان ذلك قاسيًا احيانًا، انه يجعلك تشعر بحب الحياة لأن لديك اطفال. والأسوأ من ذلك عندما تشعر بحب الحياة، لا ترغب بأن يتوقف ذلك. افهم جيدًا هؤلاء الذين يقفزون بالمظلة مثلًا. هذا هو ان تكون احد الوالدين، القفز بالمظلة. مخيف ولكنه رائع في الوقت نفسه. ولكن السقوط يستغرق فترة اطول بكثير.
ربما هذا ما كان يجب عليّ أن أوضحه لابني، هذه هي المقدمة الحقيقية. يومًا ما أباك سيرحل، ولكن طالما نحن هنا معًا، هذا رائع. هذا هو الامر المهم، اليس كذلك؟
اجل، عاجلًا ام آجلًا، سوف يكون الامر محزنًا عندما يحين الوقت. ولكن، في الوقت الحالي، علينا ان نستفيد من الادرينالين الذي تمنحنا اياه الحياة!