متى يجب أن نرفض مساعدة أطفالنا
مساعدة أطفالنا:
كانت آنجي تنتظر فريدي لتقله من المدرسة الابتدائية. عندما اقترب مكتئباً، سألته: «ما الأمر». «بوبي ناداني «يا جبان». سألت الأم: «من هو بوبي؟». «ذاك الذي يضع قبعة حمراء». «لا تقلق. سأكلمه حالاً». نادته فلما أصبح أمامها قالت له إنها سئمت من إزعاجه لابنها وإنه إذا عاد إلى إزعاج ابنها ثانية فسيكون عليه التعامل معها.
وارتدت على عقبيها متجهة إلى السيارة ولكنها لم تنتبه إلى أن ابنها فريدي كان يضحك مقهقهاً ويمد لسانه لبوبي.
عندما نتدخل بعلاقات أولادنا الشخصية، نحرمهم من فرص تعلم التواصل مع الآخرين. على أولادنا أن يتعلموا أن هناك أوضاعاً ممتعة وأخرى مقيتة، وأن الحياة على هذه الحالة، صراعات تنشأ أحياناً وأن على الفرد منا أن يحلّها. متى وكيف يتعلم أولادنا التواصل إن لم نعطهم أبداً الفرصة للتدرب على الأمر؟الواقع أن كل تفاعل وتضارب هو لحظة علينا الاستفادة منها. وبناء عليه سيتعلم الولد مع من سيتعامل ومن سيتجنب. وبدل أن نحل مشاكله، علينا أن نعلّمه كيف يفعل ذلك بنفسه.
كان على الأم في القصة التي رويناها أن تتعاطف معه وتتفهمه قائلة: «أعرف ما تشعر به. إنه لأمر مقرف أن يحاول الناس إهانتك». وحالما يصبحان في السيارة كان عليها أن تسأله: «ما الذي ستفعله في المرة التالية التي سيحاول فيها إزعاجك؟»
- «سأضربه حتى أدميه».
- «حسناً، هذا احتمال (مع أنه احتمال غير جيد ولكن اللحظة غير مؤاتية لإخباره بذلك، لأنه ينفّس فقط عن غضبه، والمطلوب هنا أن نفتح طريقاً للتواصل) وماذا أيضاً يمكنك القيام به؟»
- «حسناً سأخبره أني أكره أن ينعتني بنعوت مهينة»
- «إنها لفكرة جيدة جداً. وماذا أيضاً»؟
- «سأرتد راجعاً غير معيراً اهتمامي لما قاله»
- «بالتأكيد. هذا بديل آخر».
وهكذا نساعد الولد على إيجاد مخرج للمشكلة. عندما نطلب منه أن يذكر اقتراحات لحل المشكلة إنما نساعده بذلك على أن يدرك أن هناك عدة حلول لأية مشكلة نقع فيها وهكذا نوسع وجهات نظره للأمور ونحث عقله ونحفّزه، لأن ذكاءه ينمو عند تمرين قدراته على إيجاد الحلول المناسبة لكل المشاكل. ولكل ظرف حلوله المتعددة وتعقيداته الخاصة. وكلما تمّ إيجاد المزيد من الحلول لمأزق ما، زادت حظوظ النجاح أكثر.
على الولد أن يتعلم التفكير في حل مشاكله بدل أن نفكر نيابة عنه.
يقول الوالد الضيق الأفق لابنه: «من يضربك، اضربه». من يعرف؟ إذا كان الولد الذي يتنمر على ابنك أضخم جثة منه وأقوى فمن الذكاء أن تقول له: «اهرب، هذا الولد أضخم منك بكثير فلا تضحك عليه»
هيثر في الصف الأول الثانوي. كانت هيثر تشاهد التلفزيون عندما جاءت أمها تحمل أكياس الخضار والفاكهة. «لماذ تأخرت يا أمي؟ عليك أن تساعديني بمشروعي. غداً موعد تقديمه». «عفواً، هيثر، سنبدأ العمل عليه حالاً». عرضت هيثر على أمها كيفية العمل على المشروع ولكنها سرعان ما تنصلت لتذهب لمشاهدة التلفزيون. «هيثر، اجلبي لي الغراء والمزيد من الكرتون». بعدما أحضرت هذه الأغراض لأمها وألقت نظرة على المشروع الذي تعمل عليه أمها (شاكرة جهود أمها)، عادت هيثر إلى برنامجها.
بعد ساعات أرسلت أم هيثر جميع افراد العائلة إلى النوم قائلة: «لا تقلقي يا هيثر. اذهبي إلى النوم. سأنهي أنا المشروع في وقت لاحق ليلاً».
في الصباح التالي ذهبت هيثر إلى المدرسة حاملة بفخر مشروعها، واثقة من أنه سينال أعلى علامة.
لدى هيثر صورة مزيفة عن الواقع فهي تعتقد أن لا بأس بتسليم مشروع لم تقم به وتعتقد أن لا باس أيضاً بنيل علامة عليه معتقدة أنها تستحق الإعجاب والتقدير والاحترام على شيء لم تقم به. إذا استمرت الأم على هذا المنوال فستتعود هيثر على الكذب وفي الوقت ذاته ستتدهور ثقتها بقدراتها. فهي تعرف أنها تعيش في كذبة، وأن ما تظهره من قدرات ومهارات هي ليست لها فعلياً. ولكن ما الذي ستفعله عندما لا تكون أمها معها؟
هذا لا يعني أن علينا عدم مساعدة أطفالنا البتة أو القيام ببعض الأشياء لهم، إنما ما نحتاجه هو تقييم كل وضع وسؤال أنفسنا: أهذا اسثناء؟ والمقصود أن مساعدة أطفالنا إذا كانت آنية، فلا ضير من ذلك، بل ذلك سيكون هبة. ولكن إذا اصبحت المساعدة عادة اي إذا راح ابني يتوقع مني أن أساعده دائماً وراح يعتمد عليّ للقيام بفروضه، فعندئذ سيتأذى ويصبح اتكالياً وكسولاً وعديم القيمة.
قد يكون للإفراط في الحماية أسباب عدة. فلنحلل بعضها.
اقرأ أيضاً: كيف نمنع طفلنا من أن يصبح كسولاً، اتكالياً وعديم الفائدة