الطفل الصعب: لن تستطيع تغيير سلوكه إلا إذا…
الطفل الصعب: التركيبة الكيميائية التي تتحكم بأمزجته
يعاني الطفل الصعب من المزاج السيء. عندما تكون أباً أو أمًّا لطفل صعب، يصبح من الهام فعلياً أن تتعلم قراءة أمزجتهم وأن تعرف كيف تغيرها. لا شك أنك تعرف ما معنى سوء المزاج، لأنك مررت به أنت نفسك. مثلاً: لا شك أنه مرّ عليك يوم لم تكن فيه على طبيعتك وحدث أن قال لك شخص ما شيئاً يبهجك عادة ولكنك أجبت بدل ذلك بكلمات مثل: «وكأن الأمر يعنيني» «لا يهمّ» أو «لا بأس».
أو ربما مرّ عليك يوم كنت فيه في مزاج جيد، مفعماً بالحياة، سعيداً، وقال لك أحدهم وقتذاك شيئاً يزعجك عادة ولكنك أجبت بدل ذلك: «لا يهم»، «لا بأس»، أو «سيكون كل شيء على ما يرام».
إذا كان لديك ولد صعب فهذا يعني أنك تعرف كل شيء عن تقلُّب المزاج. هل مررت يوماً بتجربة مراقبة ولدك وهو عائد من المدرسة وفوق رأسه غمامة سوداء وفكرت بينك وبين نفسك «ستكون فترة ما بعد الظهر طويلة، طويلة جداً، ومزاجه لن يتحسن» أو ما يشبه ذلك من معنى؟ هل حدث مرة أن كان مزاج ابنك طوال النهار عاصفاً نكداً بدون سبب وفكرت بينك وبين نفسك «لا يبدو أن مزاجه سيتحسن»؟
نحن جميعاً معرّضون لتقلُّب المزاج. ولكن أهالي الأولاد الصعبي المراس بحاجة إلى أن يكونوا خبراء في هذا المجال ليستطيعوا خلق وتغيير المزاج.
الشيء الهام الذي عليك أن تعرفه هو:
لن تستطيع تغيير سلوكهم حتى تغيّر مزاجهم.
عندما تكون في مزاج عكر سيىء، لا يكون لديك تصرفات عديدة تختار بينها. فالولد الذي يكون متعباً ونكداً، ستجده إما سريع الغضب ومزعجاً، وإما واجماً ومقفلاً (كمَن أطفأ أجهزة جسمه كلها عن العمل). السعادة والإذعان ليسا الخيارين المتوفرين عندهم في تلك اللحظة. فإذا كنت تتوقع أن يتحول الولد من الغضب إلى السعادة بدون حدوث شيء ينقله من هذه الضفّة إلى تلك، فأنت تعيش بلا شك في أرض الخيال والأوهام.
دعني أكرر الفكرة المفتاح: لن تستطيع تغيير تصرفاتهم حتى تغيِّر مزاجهم.
تقلُّب المزاج الذي نمرّ به جميعنا لا يتعلق فقط بما يحدث في ذاك اليوم بل يتعلق بالكيمياء التي تجري في أدمغتنا وأجسامنا.
يملك عالم كيمياء الدماغ والجسم قوة في تغيير العواطف توازي قدرة الحدث المحزن والمفرح في تغيير هذه العواطف. عندما يسمع الأهل هذا، غالباً ما يتنفسون الصعداء، لأن ذلك يفسر لهم لماذا تحدث بعض التصرفات بغتة بدون أي إنذار أو حدث مسبّب لها.
مع أنه غير مطلوب من الأهل أن يصبحوا خبراء في مجال علم الكيمياء العصبي والفيزيولوجي، إلا أن هناك بعض المواد الكيميائية الدماغية التي يجدر بنا التعرُّف إليها. فالتعرُّف إلى هذه المواد يجعلك تمتلك القدرة على تغيير العائلة.
- المادتان الكيميائيتان الدماغيتان اللتان لا يحب الأهل عادة اختبار ارتفاعهما كثيراً هما الكورتيزول والأدرينالين.
- المادتان الكيميائيتان الدماغيتان اللتان يحب الأهل رؤيتهما عادة أكثر هما الدوبامين والسيروتونين.
الأدرينالين = العمل (استعداد كامل للانطلاق ولكن الهدف مفقود)
الأدرينالين هو المسؤول جزئياً عن زيادة سرعة الحركة والنشاط. إنه الشراب المقوي الأحمر. إن العيش في طاقة الأدرينالين يجعل الناس يضيئون الشمعة من طرفيها. كما أنه يجعلهم أقل مرونة، ويجعل من الصعب على الصعبي المراس تغيير أمزجتهم.
عندما يفرز الجسم مقداراً كبيراً من الأدرينالين تصبح منطقة اللوزة (منطقة الإقدام أو الفرار) نشطة جداً. الواقع أن هذا الجزء من الدماغ قد يصبح من النشاط بحيث يستولي على أي شيء آخر. الأدرينالين قوي جداً، ولا بد أنك تعرف ذلك بنفسك. لعله حدث معك يوماً أن التقيت بأحدهم ذات صباح وقال لك شيئاً مزعجاً جعلك على غير طبيعتك ما تبقّى من ذاك اليوم. إن سبب ذلك جزئياً عائد إلى أنك كنت مهدَّداً فارتفع معدل الأدرينالين وآلية المواجهة والفرار بدأت العمل.
حالما يندفع الأدرينالين في جسم الولد الصعب، تصبح محاولة تغيير سلوكه مضيعة كاملة للوقت، ولن يتغير ذلك حتى تعمل على تخفيض كمية الأدرينالين. هناك علامات واضحة تشير إلى أن هناك اندفاعاً للأدرينالين في جسم الولد الصعب. انظر الجدول على الصفحة التالية.
من الممكن إذا كان الولد يعيش حياة عائلية ملأى بأعمال روتينية وعادات ثابتة أن يخفف ذلك من إفراز الأدرينالين. فلو افترضنا أن الأدرينالين يؤثر في الولد الصعب، فالرسالة الواضحة الهادئة التي تشير إلى «أن هذه هي الطريقة التي نقوم بها بالأشياء في هذا البيت» قد تساعد الولد على الشعور بالأمان. كما أنه كلما قلّت العوامل المثيرة، ساعده ذلك على التخفيف من اندفاع الأدرينالين. وتلعب الأوقات الهادئة السلمية في المنزل دوراً هاماً.
أحياناً قد ترغب في زيادة كمية الأدرينالين عند ابنك لأنه ينشطه. لعل أفضل طريقة تفعل بها ذلك هي التسابق مع الوقت. مثلاً، يمكنك أن تقول له: «دعنا نرى إن كان بإمكاننا تنظيف هذه الغرفة في عشر دقائق وبعدئذ سنلعب لعبة».
إليكم من موقع التربية الذكية علامات محتملة تشير إلى ارتفاع معدل الأدرينالين عند الولد
- • يُظهر نشاطاً زائداً.
- • يجد صعوبة في النوم.
- • يملك طاقة مفرطة.
- • يفرّ إذا انزعج.
- • ينخرط في المشادات الكلامية.
- • يجد صعوبة في تحويل انتباهه عما يثيره.
- • يتردد قبل أن يجرب الأشياء الجديدة.
- • يبدو كثير الانشغال ولكنه لا يقوم بأشياء كثيرة.
رعاة وراعيات الكورتيزول
الكورتيزول هو الهرمون والمادة الكيميائية العصبية الأساسية الأخرى التي يجدر بنا الحذر منها. الكورتيزول هو هرمون الضغط النفسي يفرزه الجسم عندما يفرز الأدرينالين. ممتاز. أليس كذلك؟ تصوروا الولد مضغوطاً نفسياً ونشطاً جداً. تحفة!
يخفّض الكورتيزول الأداء اللغوي. هل كنت يوماً مصدوماً، معقود اللسان بحيث كنت عاجزاً عن نقل أفكارك إلى كلمات؟ الذي حدث لك وقتذاك هو أن الكورتيزول الذي تدفّق إلى منطقة البروكا Broca أي مركز إنتاج اللغة في الدماغ قد أطفأ دماغك لبرهة من الزمن. الواقع أن الأولاد الصعبي المراس الذين يرزحون تحت الكثير من الضغط النفسي، غالباً ما يجدون صعوبة في نقل أفكارهم إلى كلمات. هذا هو السبب الذي يجعلك أحياناً لا تتلقى من أولادك لا سيما منهم المراهق أكثر من عنّة قصيرة.
يخفض الكورتيزول قدرة الناس على تغيير طريقتهم في العمل ويجعلهم سريعي الغضب والقلق، كما أنه يخفف القدرة على تنقية المعلومات الخارجة عن الموضوع، الأمر الذي يفسر السبب الذي يجعل الناس المضغوطين نفسياً يجدون صعوبة في ترتيب الأمور بحسب الأولويات. هناك علامات واضحة تشير إلى أن الأولاد الصعبين هم رعاة أو راعيات الكورتيزول. انظر إلى الجدول في الصفحة التالية.
غالباً ما يريد أهالي الأولاد الصعبي المراس تخفيض كمية الكورتيزول في أجسام أولادهم الصعبي المراس ليستطيعوا التنعُّم بحياة هادئة سعيدة. ولعل ما يخفف من إفراز الكورتيزول عدا الأعمال الروتينية والعادات العائلية، هو جعل الأولاد يشعرون بأنهم آمنون من العنف أو التهكم أو الإذلال والمهانة. كما أن التأكد من أنهم لا يتناولون الكثير من السكر ويشربون كميات كافية من الماء يساعدهم أيضاً على تقليل إفراز الكورتيزول. إن الحصول على قدر كاف من النوم يساعد أيضاً في تخفيض الأدرينالين والكورتيزول معاً.
هناك رابط ما بين ضوء الفلورسنت Fluorescent وما بين ارتفاع معدل الكورتيزول، لذا يفضَّل للعائلات التي لديها ولد صعب أن تستخدم الإضاءة غير المباشرة كالمصابيح الجانبية.
علامات محتملة تشير إلى ارتفاع معدل الكورتيزول عند الولد
- يجد صعوبة في التعبير عن أفكاره.
- • يظل قلقاً ومتيقظاً.
- • ينزعج بسهولة.
- • يبقى متوتر الأعصاب.
- •يظل متحفزاً للدفاع.
- • يبالغ في ردود فعله تجاه الأشياء.
- • قد تكون رائحته كريهة أكثر من المعتاد (الضغط النفسي يجعل العرق حامضاً أكثر).
- • يجد صعوبة في وضع أولويات.