التربية المتساهلة تقتضي جعل الطفل ينمو دون إطار أو حدود. الأم المتساهلة والمفرطة في التسامح لا تضع أي حد، حتى لو علمت أن طفلها يقوم بتصرف غير لائق. كما أنها تلبي كل متطلباته. لا تستخدم كلمة “لا” إطلاقاً مع طفلها خوفاً من أن يشعر بالإحباط وتفعل أي شيء لإنهاء النزاعات معه.
حين نعلم أن التربية هي استخدام وسائل لتعزيز نمو وتطور الكائن البشري، من حقنا أن نطرح السؤال التالي: هل من الممكن فعلاً الجمع بين مصطَلحي “تربية” و”تساهل”؟
إليكم بعض عواقب التربية المتساهلة الضارة على الأهل:
- يصبح الوالد (أو الوالدة) خاضعاً ولا يعود بإمكانه التحكم بشيء. لأن علاقة المسيطر-الخاضع للسيطرة قد ارتكزت وفق تفكير ابنه على أن الوالد هو الشخص الخاضع.
- يصبح الوالد (أو الوالدة) كالإسفنجة التي تمتص عواطف الطفل. فيمتص كل المشاعر غير السارة لطفله كي يمنعه من الاضطرار إلى عيشها. سيكون الأمر أسوأ إذا كنا أشخاصاً حساسين جداً.
- يدخل في حلقة مفرغة من الصعب كسرها. فحين يوافق الوالد (أو الوالدة) على كل شيء، سيجد نفسه عالقاً في المصيدة: مكافأة على أقل تصرف متوقع، هدايا لتعويض نقصٍ ما، غياب ردود الفعل حتى حين يكون الموقف خطيراً جداً…
- ينسى الوالد (أو الوالدة) احتياجاته الخاصة سواء كانت جسدية أو نفسية أو عاطفية…
- من الممكن أن يصبح قلقاً من فكرة قضاء وقت مع طفله. فتكون لحظات التفاهم نادرة جداً ويتم فقدان التواصل.
- أخيراً، التربية المتساهلة قد تؤدي إلى إرهاق الوالدين ودخولهما في حالة اكتئاب (مع العلم أن الاكتئاب يؤدي إلى مزيد من التساهل).
مخاطر التربية المتساهلة على الأطفال:
نموذج “الطفل الذي يثير الغضب”
إذاً، بطبيعة الحال، المخاطر التي تتبادر إلى الذهن كلها تتعلق بسلوك الطفل وباحتمال أن يواجه صعوبات في التكيف. ففي الواقع، قد يواجه الطفل، الذي لم توضع له أي حدود، صعوبات في تقبل قواعد الحياة في المجتمع. وقد نجد أنفسنا بسرعة في حلقة مفرغة إذا كان الراشدون من حوله غير مراعين لمشاعر ونفسية الطفل: عقوبات، تمرد، تصرفات غير مقبولة، عزل…
يصبح الطفل غير محبوب ومرفوض من الجميع: المدرسين، الزملاء، أهالي الزملاء، الأجداد…
بالإضافة إلى هذه المخاطر الواضحة، يمكننا ذكر مخاطر إضافية أيضاً قد لا تبدو ظاهرة علناً، لكنها موجودة فعلياً.
الخوف من الفشل
الوالد المتساهل لا يتقبل فشل ابنه. لذا سيفرط في حماية إبنه ووضعه في فقاعة. ستقولون لي إنه من الطبيعي أن نحمي طفلنا. إلا أن ما أريد تفسيره هنا، هو أننا حين نمنع طفلنا من خوض التجارب واختبار الفشل، فإننا لا نساعده على أن يصبح شخصاً لديه معلومات كافية عما قد سيواجهه من تجارب.
في بداية الأمر، سننكر مشاعره كوننا لا نتحمل رؤيته حزيناً أو محبطاً. لكن بالإضافة إلى ذلك، لن نعتبر الأخطاء فرصاً للتعلم. لذلك سيقوم الوالد المتساهل بكل شيء نيابةً عن طفله، لن يعلّمه كيف يتجاوز ألمه وحزنه، وغضبه وانفعالاته. لن يشجعه على تطوير مهاراته، ولن يحثه على البحث عن حلول…
مع الأسف سيصبح من الصعب جداً على الطفل أن يطور مهاراته الحياتية التي تعتبر مهمة جداً: الثقة بالنفس، القدرة على الإيمان بنفسه، التصميم، المثابرة، تقدير الذات، الفضول، الانفتاح، المبادرة، التعاطف، والإيثار… حتى لو ظننا من حيث المظهر الخارجي أن هؤلاء الأطفال يملكون “ثقة بأنفسهم” كما يقول البعض. إلا أن هذه الثقة بالنفس ليست في الحقيقة سوى قناعاً…
اقرأ أيضاً: اليوم الذي جعلتني فيه التربية المتساهلة أنفجر غضباً (أفقد صوابي)