تريدون أن تعرفوا لما يتصرف طفلكم بهذه الطريقة أو تلك؟ لِمَ ضرب أخته؟ لِمَ رمى الألعاب على الأرض؟ ولِمَ رفض اليوم الذهاب إلى المدرسة؟ الأمر سهل، سهل جداً… تحدثوا مع أطفالكم!
بعيداً عن التنظير.. إليكم تجربتي مع طفلتي
ابنتي تبولت في ملابسها الداخلية مع أنها تخلصت من الحفاض
دخلنا إلى الحمام، أجلستُها على المرحاض. وبدأنا نتحدث:
- حسناً ما الذي حصل؟ ما الذي جعل صغيرتي تتأخر عن دخول الحمام؟ هل كنتِ مشغولة باللعب؟
- كلا (كانت تتحدث مقطبة الحاجبين والغضب يبدو على ملامحها)
- حسناً دعيني أخمن.. كنتِ تريدين أن تناديني لكنكِ تأخّرتِ قليلاً. أليس كذلك؟
- كلا (وفي عينيها نظرة عتب وغضب غريبة)
- حسناً ما رأيُكِ أن تخبريني أنتِ، علّنا نتفادى الأمر في المرة المقبلة؟
- لقد كنتِ تلعبين مع نايا (أختها الصغيرة).
جملة واحدة صغيرة تحتوي على الكثير من المعاني منها: “أنا أغار من أختي الصغرى”. “أنتِ منشغلة عني”. “حين تلعبين مع أختي لا تستمعين إليّ حين أناديكِ”. “أعتقد أنكِ لن تتركي أختي الصغرى كي تصطحبيني إلى الحمام، فهي أهم مني”. “العبي معي أيضاً”.
تقاطعني أثناء تدريس أختها الكبرى
لدي طفلة تعاني من اضطراب التوحد، تحتاج إلى مكان هادئ والكثير من التركيز كي تتمكن من أداء أنشطتها المدرسية. كانت بمجرد أن نجلس تبدأ طفلتي الأخرى التي تبلغ 4 سنوات بطلبات لا تنتهي. ثم تبدأ بالركض في أرجاء المكان محاولةً أن تقاطعنا وتشتت انتباه أختها. إلى أن قررتُ أن أتحدث معها بهدوء عن الموضوع.
- أميرتي أنتِ تعرفين أن علينا أن ننهي الدرس كي لا تغضب المعلمة.. لِمَ تستمرين في مقاطعتنا ؟
- ضحكت وأكملت الركض في الأرجاء. فأمسكتُها وبدأتُ أدغدغها وأقبلها في كل مكان، إلى أن هدأت ونظرت إليّ وقالت “أمي أنا أيضاً أريد أن أدرس، أنا أيضاً ذكية وشاطرة”.
نفس الفكرة تقريباً…هي تغار من مدى اهتمامي بأختها الكبرى وتشجيعي المستمر لها حين تقوم بأقل مجهود. وتريد أن تثبت لي أنها ذكية أيضاً. منذ ذلك الحين أصبحتُ أضع لهما كرسيين وطاولتين وأجعلهما يقومان بالنشاطات معاً، مما ساهم في تقدم ابنتي الكبرى وعزز علاقتهما بشكلٍ سحري.
كنا في الدكان وبدأت تصرخ وتعاند طالبةً المزيد من الشوكولا
بدأ الناس ينظرون إلينا بانزعاج. كدتُ أنفعل. لكنني قررتُ ألا بدفعني الإحراج إلى التصرف بشكلٍ خاطئ. فأمسكتها بهدوء وقلتُ لها “صغيرتي لن يسع بطنها الصغير 3 قطع شوكولا، ثم أن طبيبة الأسنان أخبرتكِ أن السوسة ستهاجم أسنانكِ الصغيرة إن تناولتِ الكثير من الشوكولا. إفتحي فمكِ أريني هل أتت السوسة اليوم؟”. ففتحت فمها وهدأت عندما شتتُ انتباهها.
- ثم قالت: “أمي لن آكلها كلها. أريد قطعة واحدة لي فقط، وقطعة لأختي نايا، وقطعة أخرى لأختي يارا.”
كانت تفكر بإخوتها.. لو لم أتح لها التعبير عما تفكر فيه لكان موقفي بشعاً جداً لا يمتُ للأمومة بصلة.
عاندت والدها أثناء الذهاب إلى المدرسة
جلست تبكي وتقول لا أريد الذهاب مع بابا. كاد يفقد صبره. فطلبتُ منه أن يهدأ وأخذتها جانباً. وسألتُها عن السبب.
أجابت بأنها تخاف أن بتركها في الطريق ويرحل لأنه يغضب ويتركها ويصعد في السيارة حين تلعب مع القطة.
طمأنتُها وطمأنها هو أيضاً وحلّت المشكلة.
ما الهدف من كل ما ذكرت؟
في كل المواقف التي ذكرتها كان من الممكن أن أنفعل وأصرخ وأعاقبها وأنعتها بصفاتٍ سيئة.. دون أن أدرك سبب المشكلة أصلاً. كما يفعل معظم الأهل. إلا أنني فكرتُ بالطريقة التالية:
الصراخ لم ولن يؤدي يوماً إلى نتيجة مفيدة لأي من الأطراف، مهما كنتُ غاضبة.. الصراخ ليس الحل.
المسألة ليست مسألة تحدي وفرض سلطات..
هناك مشكلة، يجب أن نفهم سببها كي نجد الحل.
مشاعر ابنتي فوق كل اعتبار.
عن تجربة، التحدث وسيلة رائعة، لا فقط لفهم أسباب سلوك الطفل السيء ومشاعره، بل لإقناعه بما هو لصالحه أيضاً، كتناول وجبة مفيدة، أو النوم باكراً، أو إنجاز فروضه المدرسية. الطفل أذكى مما نظن. فقط أعطوا طفلكم فرصة التعبير عما يختلجه من أفكار ومشاعر، وتعاملوا معه كفردٍ مستقلٍ له حقه في التعبير وكيانه.. سيفاجئكم بما لم تتوقعوه يوماً.